মিরকাত মাফাতিহ শরহ মিশকাত আল-মাসাবিহ

মুল্লা আলী কারী d. 1014 AH
97

মিরকাত মাফাতিহ শরহ মিশকাত আল-মাসাবিহ

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

প্রকাশক

دار الفكر

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

প্রকাশনার স্থান

بيروت - لبنان

وَقَوْلُهُ: (مِنْ قَلْبِهِ) صِفَةُ " صِدْقًا "؛ لِأَنَّ الصِّدْقَ قَدْ لَا يَكُونُ مِنْ قَلْبِ أَيِّ اعْتِقَادٍ كَقَوْلِ الْمُنَافِقِ: إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ، أَوْ يَكُونُ بِمَعْنَى " صَادِقًا " حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَشْهَدُ، وَخَبَرُ الْمُبْتَدَأِ قَوْلُهُ: (إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ، أَيْ مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ مُحَرَّمٌ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا مُحَرَّمًا عَلَى النَّارِ، وَالتَّحْرِيمُ بِمَعْنَى الْمَنْعِ، حُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْفَرَائِضِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ مَنْ قَالَ الْكَلِمَةَ وَأَدَّى حَقَّهَا وَفَرِيضَتُهَا فَيَكُونُ الِامْتِثَالُ وَالِانْتِهَاءُ مُنْدَرِجَيْنِ تَحْتَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ لِمَنْ قَالَهَا عِنْدَ النَّدَمِ وَالتَّوْبَةِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ الْإِتْيَانِ بِفَرْضٍ آخَرَ، وَهَذَا قَوْلُ الْبُخَارِيِّ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُرَادَ تَحْرِيمُ الْخُلُودِ. (قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ؟): فِي وَضْعِ أُخْبِرُ مَوْضِعَ أُبَشِّرُ، تَجْرِيدٌ أَوْ رُجُوعٌ إِلَى أَصْلِ اللُّغَةِ أَوِ اكْتِفَاءٌ بِقَوْلِهِ: (فَيَسْتَبْشِرُوا) أَيْ يَفْرَحُوا بِحَيْثُ يَظْهَرُ أَثَرُ السُّرُورِ عَلَى بَشَرَتِهِمْ لِمَا فِيهِ مِنْ عِظَمِ الْعَفْوِ إِذَا لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ (قَالَ: إِذًا يَتَّكِلُوا) إِذَنْ حَرْفُ جَوَابٍ وَجَزَاءٍ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ لِمَحْضِ الْجَوَابِ كَمَا هُنَا، أَيْ لَا تُخْبِرْهُمْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّكَ إِنْ أَخْبَرْتَهُمْ وَبِهَذِهِ الْبِشَارَةِ بَشَّرْتَهُمْ يَعْتَمِدُوا عَلَى أَلْطَافِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَيَتْرُكُوا حَقَّ الْعُبُودِيَّةِ فَيَنْجَرُّوا إِلَى نُقْصَانِ دَرَجَاتِهِمْ، وَتَنْزِلُ حَالَاتُهُمْ، وَهَذَا حُكْمُ الْأَغْلَبِ مِنَ الْعَوَامِّ، وَإِلَّا فَالْخَوَاصُّ كُلَّمَا بُشِّرُوا زَادُوا فِي الْعِبَادَةِ كَمَا وَقَعَ لِلْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلِذَا قَالَ ﷺ فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ لَهُ: «أَتَقُومُ فِي اللَّيْلِ حَتَّى تَتَوَرَّمَ قَدَمَاكَ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ - أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا)» (فَأَخْبَرَ بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ، أَوِ الْقِصَّةِ، أَوِ الْبِشَارَةِ (مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ): لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمِيرَ مَوْتِهِ إِلَى مُعَاذٍ. وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. (تَأْثَمًا): مَفْعُولٌ لَهُ أَيْ تُجَنُّبًا، وَتَحَرُّزًا عَنْ إِثْمِ كَتْمِ الْعِلْمِ، إِذْ فِي الْحَدِيثِ: («مَنْ كَتَمَ عِلْمًا أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ») . (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
٢٦ - «وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ، وَهُوَ نَائِمٌ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا قَالَ: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ــ ٢٦ - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ): هُوَ جُنْدُبُ بْنُ جُنَادَةَ الْغِفَارِيُّ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَامِ الصَّحَابَةِ وَزُهَّادِهِمْ، أَسَلَمَ قَدِيمًا بِمَكَّةَ. يُقَالُ: كَانَ خَامِسًا فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى قَوْمِهِ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ بَعْدَ الْخَنْدَقِ، ثُمَّ سَكَنَ رَبْذَةً إِلَى أَنْ مَاتَ بِهَا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَكَانَ يَتَعَبَّدُ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ النَّبِيُّ ﷺ. رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. («قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ»): حَالٌ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ. قَالَ الشُّرَّاحُ: هَذَا لَيْسَ مِنَ الزَّوَائِدِ الَّتِي لَا طَائِلَ تَحْتَهَا، بَلْ قَصَدَ الرَّاوِي بِذَلِكَ أَنْ يُقَرِّرَ التَّثَبُّتَ وَالْإِتْقَانَ فِيمَا يَرْوِيهِ؛ لِيَتْمَكَنَ فِي قُلُوبِ السَّامِعِينَ. قُلْتُ: أَوْ أَرَادَ التَّذَكُّرَ بِإِحْضَارِ طَلْعَتِهِ الشَّرِيفَةِ، وَاسْتِحْضَارِ خُلْعَتِهِ اللَّطِيفَةِ، فَيَكُونُ كَأَنَّهُ حَاضِرٌ لَدَيْهِ وَوَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ (وَهُوَ نَائِمٌ): عَطْفٌ عَلَى الْحَالِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْهَاءِ وَيُسَكَّنُ أَيْ فَرَجَعْتُ، (ثُمَّ أَتَيْتُهُ) بَعْدَ زَمَانٍ (وَقَدِ اسْتَيْقَظَ) حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ، وَالْمَعْنَى فَوَجَدْتُهُ مُنْتَبِهًا مِنَ النَّوْمِ («فَقَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ») وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ بِدُونِهِ لَا يَنْفَعُ (ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ الِاعْتِقَادِ، وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْخَوَاتِيمِ (إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ):

1 / 99