فتحت لي الباب مرحبة وهي تقول: أهلا .. حدثني أخوك بالتليفون .. اعتبر نفسك في بيتك.
انتظرت عند الباب حتى وصل البواب حاملا الحقيبتين، ثم دعتني إلى الجلوس وجلست هي على كنبة تحت تمثال للعذراء: أخوك ضابط بوليس عظيم، كان ينزل عندي قبل أن يتزوج، وقد أقام في الإسكندرية عمرا وها هو ينتقل إلى القاهرة.
تبادلنا نظرات مودة وهي تتفحصني بدقة وعناية ثم سألتني: كنت تقيم معه؟ - نعم. - طالب؟ .. موظف؟ - مذيع في محطة الإسكندرية. - ولكنك أصلا من القاهرة؟ - نعم. - اعتبر نفسك في بيتك ولا تحدثني عن الإيجار.
ضحكت مستنكرا، ولكني شعرت أنها على استعداد لقبولي بالمجان لو أردت. حسن، العفن يجري في الهواء ولعله يصدر أصلا من ذاتي أنا. - وأي مدة ستقيم معنا؟ - غير محدودة. - سنتفق على أجرة مناسبة ولن أطالب برفعها في الصيف. - شكرا، لقد أرشدني أخي إلى ما يجب عمله وسوف أدفع في المصيف كالمصيفين.
انتقلت بلباقة إلى موضوع آخر فتساءلت: أعزب؟ - نعم. - متى تفكر في الزواج؟ - ليس الآن على أي حال.
فضحكت عاليا وهي تسأل: فيم تفكر إذن؟
جاريتها في الضحك بلا روح، ودق الجرس فقامت ففتحت الباب فدخلت فتاة حاملة لفة كبيرة من البقالة أو غيرها ثم مضت إلى الداخل. من نظرة أدركت أنها خادمة وأنها جميلة. ثم عرفت - والمدام تخاطبها - أن اسمها زهرة. وهي في سن طالبة جامعية وكان ينبغي أن تكون كذلك.
قادتني المدام إلى إحدى الحجرتين المطلتين على البحر وهي تقول: هذا الجانب غير مناسب للشتاء، ولكنها الحجرة الوحيدة الخالية.
فقلت بلا اكتراث: إني أحب الشتاء. •••
وقفت في الشرفة وحيدا. ترامى البحر تحتي إلى غير نهاية، ينبسط في زرقة صافية بديعة، وتلعب أمواجه الهادئة بلآلئ الشمس. غمرتني ريح خفيفة في ملاطفة منعشة، ولم يكن في السماء إلا سحابات متفرقة. كاد يغلبني الحزن ولكن سمعت حركة خفيفة في الحجرة فالتفت مستطلعا فرأيت زهرة وهي تفرش السرير بالملاءات والأغطية. عملت بهمة دون أن تنظر نحوي فتمليتها على مهل وسرعان ما أكبرت ملاحتها الريفية الباهرة. وقلت راغبا في إنشاء علاقة ومودة: أشكرك يا زهرة.
অজানা পৃষ্ঠা