فصل
إذا ثبت أن النظر يولد العلم فهو لا يولد غيره.
وقال القاضي وغيره: إن النظر في الإمارات يولد الظن، وإن النظر في المقدمات المعتقدة المطابقة غير المعلومة تولد اعتقادا غير علم.
لنا: إنا نعلم حسن جميع الأنظار لعلمنا بحسن الإقدام عليها على الإطلاق، فلو كانت تولد الاعتقادات /27/ والظنون ومعلوم أن فيها ما هو قبيح لما حسنت الأنظار على الإطلاق؛ لأن قبح المسبب يقتضي قبح السبب.
فإن قيل : إن في الأنظار ما هو قبيح كالنظر في الشبهة للتلبيس وفي السحر للعمل به، ونحو ذلك.
قلنا: قد قال به الشيخ أبو القاسم وأبو علي، وليس بصحيح لما تقدم، وإنما يقبح العضد المقترن به.
وأما العلم الحاصل عند النظر في تبين مراد الغير فهو ضروري بالعادة.
وأما الجهل الحاصل عند النظر في الشبهة فهو مبتدأ باختيار الناظر بدعوة الشبه إلى ذلك لأنه لا يعلق للشبهة، فتولد النظر فيها الجهل.
يوضحه أن النظر في الدليل قد لا يولده بأن لا يكون عالما بوجه دلالته مع أن له علته بالمدلول، فأولى في النظر في الشبهة؛ ولأن النظر في الشبهة لو ولد الجهل للزم إذا نظرنا في شبهة الخصم من الوجه الذي كانت له شبهة أن يولد الجهل لنا لولا أنه بالداعي، وأن ما يدعو زيدا يجوز أن لا يدعو عمرا. وقريب من هذا الكلام في الظن الحاصل عند النظر في الإمارة.
পৃষ্ঠা ৪৩