قيل له: كان يجو اختلاف العادة فيه كالحفظ.
فإن قالوا: الأسباب يصح مقارنتها للمسببات، ويؤثر في وقوعها فقط لا في وقوعها على وجه، وليس هذا حال النظر .
قلنا: أما الأول فلأن شرط النظر التجويز، وهو لا يقارن العلم.
وأما الثاني، فهو شيء اختص به النظر دون سائر الأسباب لقيام الدليل.
فإن قال: قد يحصل العلم لأحد الناظرين قبل الآخر، وكذلك قد يحصل لأحدهما دون الآخر، ولو كان سببا لحصل لهما على حد واحد.
قلنا: أما سرعة حصوله لأحدهما فمن حيث يتمكن من استحضار المقدمات قبل الآخر، فإن القلب خلق آلة لذلك، والآلات تختلف في سرعة الفعل بها، وأما حصوله لأحدهما دون الآخر فمن حيث نظر على الوجه الصحيح.
شبهة: القائلين بالخيرة أن الناس اختلفت اعتقاداتهم من أن كلهم قد نظروا بل الرجل الواحد قد يعتقد صحة مذهب بالنظر زمانا طويلا، ثم يعتقد بطلانه بالنظر، وأن الحق غيره، ولو كان النظر يوصل إلى العلم لاتفقت الأناسي والأحوال فيه؛ لاتفاقها في سببه.
والجواب: أنا نعلم بالضرورة بعد الاختيار أنه موصل إلى العلم إذا وقع على الوجه الصحيح، فلا تقدح الشبهة في ذلك.
وبعد فلم يدع في كل نظر أنه يوصل إلى العلم، وإنما يوصل إليه النظر الصحيح، فمن نظر على الوجه الصحيح حصل له العلم، فإن اعتقد خلافه من بعد فلشبهة تدعوه إلى فعل الجهل.
وبعد، فاتفقنا على أن الإدراك طريق إلى العلم مع أنه قد يختلف الحال فيه لضروب من اللبس بعرض، وكذلك الحساب.
ثم يقال لهم أبالضرورة علمتم أن النظر يؤدي إلى الحيرة، وهذه مكابرة أم بالنظر علمتم ذلك، فقد بطل /26/ مذهبكم.
شبهة: أهل التكافي إن كل أهل مذهب قد استدلوا بمثل دليل مخالفيهم، ورجح كل منهم مقالته بمثل ما رجح به خصمه، فلا مزية لدليل على ذلك.
والجواب: ما تقدم على أهل الشك.
পৃষ্ঠা ৪১