وذهب بعضهم: إلى أن المرجع به إلى حدث النفس والكلام الخفي، وهو باطل؛ لأن النظر يوجب حالا دون الكلام، ويوجد مع فقد الكلام ويؤثر في وقوع الاعتقاد دون الكلام.
وذهب أبو الحسين وأبو الهذيل إلى أن النظر /24/ هو التأمل الذي يتضمن ترتب اعتقادات أو ظنون ليتوصل بها إلى اعتقادات أو ظنون، وهذا يوافق ما قاله الجمهور؛ لأن التأمل عندهم من أسماء النظر، وإنما نفى الخلاف في هل يولد غير العلم أم لا وسيتضح.
وما ذكره محمود بن الملاحمي من أن المرجع بالتأمل إلى تفريغ القلب عن الاشتغال بتذكر غير المقدمات المعصية إلى العلم المكتسب، وأن هذا هو الذي يحصل به المشقة، فغير صحيح؛ لأن أفعال القلوب كلها غير باقية، فلا يحتاج أحدنا في تفريغ القلب إلى مشقة، بل يكفيه أن لا يفعل سوى استحضار هذه المقدمات، وليس ما نتركه مما يشتهى فيلحق بتركه مشقة.
شبهة:
إنه لو كان التأمل هو النظر والنظر عندكم لا بد أن يوصل إلى العلم لكان التأمل كذلك، ومعلوم أنه قد يحصل التأمل من دون ترتيب المقدمات، فلا يوصل إلى العلم.
ويمكن الجواب أنا ندع في كل نظر، وكل تأمل أنه يوصل إلى العلم، بل قلنا ذلك في النظر الصحيح والتأمل الصحيح، وإنما يكون كذلك إذا تكاملت شرائط التوليد لا سيما وقد ذكر في معتمده أن من يقول أن النظر جنس برأسه لا بد من أن يشرط ترتيب العلوم ليتوصل إلى العلم.
পৃষ্ঠা ৩৮