وبعد فقد ذم الله التقليد في عدة آيات نحو: {إنا وجدنا آباءنا على أمة}، ونحو: {إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا..} الآية، ونحو: {فهم على آثارهم يهرعون}، ونحو: {اتخذوا أحبارهم..} الآية، ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا تكونوا أمعة تقولون إن أحسن الناس أحسنا وإن أساءوا أسأنا ألا إن الأمعة المحقب دينه الرجال))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((أخوف ما أخاف عليكم زلة عالم وأئمة مضلون وجدال منافق)). وقال عليه الصلاة والسلام: ((لن تهلك أمة إلا من قبل علماء السوء))، ونحو ذلك كثير.
ويقال لأهل التقليد: هل يجب شكر المنعم فلا بد من قولهم بلى.
فيقال: وكيف يجب شكر من لا يعرفه.
ويقال لهم أيضا: هل يجب الاعتراف بالنبوءات والشرائع، وله تجب /20/ العبادات، فلا بد من قولهم بلى.
فيقال: إذا لم يعرف المعبود وحكمته فكيف تعرف وجوب العبادات ونبوة الأنبياء.
شبهتهم: إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يدعو الناس إلا إلى الإقرار بالشهادة، ولم يكن يأمرهم بطلب الدقائق(1)، وحل الشبه وكثير مما يذكره اهل الأصول، ولهذا قال عليه وعلى آله الصلاة والسلام: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإن قالوها حقنوا مني دماءهم وحسابهم على الله)).
والجواب: إنما اقتصر على ذلك في القتال؛ لأن الإكراه لا يتصور في باب العقائد، فإما الحث على النظر والعلم بالله تعالى فمما لا يخفى نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم للأعرابي: ((وماذا صنعت في رأس العلم))؟ قال: وما رأس العلم. قال: ((أن تعرف الله حق معرفته..)) الخبر. وقال عليه وعلى آله الصلاة والسلام: ((تفكر ساعة خير من عبادة سنة))، وبالجملة فإن الكتاب والسنة مشحونان بالحث على النظر والذم على تركه.
পৃষ্ঠা ৩০