وقال أبو إسحاق بن عياش وأبو القاسم الكعبي: يجوز للعوام تقليد المحق، وروي عن القاسم عليه السلام جواز تقليد المحق مطلقا.
وقال قوم: يكفي الظن بصانع العالم ولا حاجة إلى العلم.
والكلام على أهل المعارف: هو أن يقول أن هذه المعارف تحصل بحسب أنظارنا في الكمية والمطابقة على طريقة مستمرة، فيجب أن يكون منتبه عنها، ولا يلزم مثله في اللون الحاصل عند الضرب؛ لأنه لون الدم انزعج بدليل أنه لو ضرب الجماد لما حصل لون.
وبعد فالمبتدأ منها يحصل بحسب قصودنا ودواعينا، وينبغي بحسب كراهتنا وصوارفنا مع سلامة الحال، ولا يرد العلم بمخبر الأخبار المتواترة؛ لأنه يحصل باختيار الله تعالى لا باختيار المخبرين، وإلا وجب حصوله عند كل خبر بأن يختاروه، وأن لا يحصل عند خبر الكثرة بأن لا يختاروه.
وبعد، فكان يلزم في من لا يعرف الله تعالى أن يكون /18/ معذورا، والتزام هذا كفر، ولا يقال العقلاء كلهم يعرفونه، لكن فيهم من جحده؛ لأن الجحود إنما يكون مع التواطي، وهو متعذر في حق الكثرة.
وبعد، فلو كان العلم بالله ضروريا لكان بديهيا لتعذر ما عداه من الضروريات، فكان يجب أن يشترك العقلاء فيه؛ لأنه من كمال العقل، وأن بعد المخالف فيه مكابر كالسوفسطائي وخلافه معلوم، لا سيما وفي المخالفين من يدعي كون الباري جسما ضروريا، فإن إثبات خالق لا نظير له مكابرة.
وبعد فقد مدح الله تعالى العلماء في غير موضع من القرآن وأمر بالمعرفة في قوله: {فاعلم انه لا إله إلا الله}، وكل ذلك يقتضي أن المعرفة من فعلنا.
وأم ما قاله المؤيد بالله فقد أبطله الجمهور بأن المعرفة لطف، فلا يجوز أن يخص الله بها بعض المكلفين دون بعض، فكان يجب أن يفعلها في الجميع ويقبح التكليف باكتسابها، وله أن يقول مسلم: أن المعرفة لطف لجميع المكلفين، لكن ما أنكرتم أن يعلم الله من حال بعضهم أن لطفه في المعرفة الضرورية، ويعلم من حال الاخر أن لطفه في الاكتسابية.
পৃষ্ঠা ২৭