============================================================
يقارب السواد، ومن قال: يشبه التراب، واستشكل بما ورد من براعة جماله، وأن يوسف صلى الله عليه وسلم كان على الثلث من جماله صلى الله عليه وسلم، وقد يجاب بأن الجمال لا ينافي السمرة؛ لأنها بين البياض والحمرة: قيل: اشتقاقه مما ذكر يؤيد القول بأنه عربي، وبه صرح الجواليقي وغيره (1)، ورد بأن توافق اللغتين غير منكر، وبأنه لا دليل على أن الاشتقاق من خواص كلام العرب وأجيب بأن الأصل عدم التوافق، وبأن الوجه أن الاشتقاق خاص بكلام العرب، فقد أطبقوا على التفرقة بين اللفظ العربي والعجمي بصحة الاشتقاق، وصح خبر: أن آدم كان يتكلم بكل لسان ، وللكن الغالب أنه كان يتكلم بالسرياني (الأسماء): مبتدأ مؤخر جمع اسم، وهو هنا: ما دل على معنى، فيشمل الفعل والحرف أيضا، واحتاج الناظم إلى هذذا التفصيل مع العلم به مما قبله ؛ لأن آدم ميزه الله على الملائكة بالعلوم التي علمها له وكانت سببأ لأمرهم بالسجود والخضوع له بعد استعلاثهم عليه بذمه ومدحهم لأنفسهم بقولهم: أتجعل فيها.. إلخ، فربما يتوهم أن هلذه المرتبة الباهرة لم تحصل لتبينا؛ إذ قد يوجد في المفضول ما ليس في الفاضل، فرد ذلك التوهم ببيان أن آدم لم يحصل له من العلوم إلا مجرد العلم بأسمائها وأن الحاصل لنبينا صلى الله عليه وسلم هو العلم بحقائقها ومسمياتها، ولا ريب أن العلم بهذا أعلى وأجل من العلم بمجرد أسمائها؛ لأنها إنما يؤتى بها لتبيين المسميات، فهي المقصودة بالذات، وتلك بالوسيلة، وشتان ما بينهما، ونظير ذلك: أن المقصود من خلق آدم إنما هو خلق نبينا صلى الله عليه وسلم من صلبه، فهو المقصود بطريق الذات، وآدم بطريق الوسيلة، ومن ثم قال بعض المحققين: إنما سجد الملائكة لادم لأجل نور محمد صلى الله عليه وسلم الذي في جبهته.
ثم ما سلكه الناظم من أن آدم إنما علم - أي : بإحدى الطرق السابقة آنفا - الأسماء فقط؛ أي: الألفاظ الموضوعة بإزاء الأعيان والمعاني.. هو الوارد عن ابن عباس (1) نقل ذلك الإمام النووي رحمه الله في " تهذيب الأسماء واللغات " (96/1)
পৃষ্ঠা ৩১