![image filename](./0505Ghazali.MihakkNazar.pdf_page_167.png)
فهذه مجامع مداخل الغلط من غير تطويل بالتفصيل ، وإن كان لا يدرك كنهه إلا بالتفصيل ، ولكن الإيجاز أليق بالحال .
فإن قلت : فهذا مع الإيجاز أشعر بمثارات عظيمة للغلط ، فكيف الأمان منها مع تراكمها ؟
فاعلم : أن الحق عزيز، والطريق إليه وعر، وأكثر الأبصار مظلمة ، والعوائق الصارفة كثيرة ، والمشوشات للنظر متظاهرة ، ولهلذا ترى أكثر الخلق يتلاطمون تلاطم العميان ، وقد انقسموا إلى فرقتين :
فرقة سابقة بأذهانها إلى المعتقدات على سرعة ، فيعتقد ها يقينا ، ويظن كل دليل وشبهة برهانا ، ويحسب كل سوداء تمرة .
فهؤلاء يعتقدون أنهم يعلمون الحقائق كلها ، وإنما العميان خصومهم.
وطائفة تنبهوا لذوق اليقين ، وعلموا أن ما الناس فيه في الأكثر تخمين ، ثم قصرث قوتهم عن سلوك سبيل الحق ، ومعرفة شروط القياس ؛ إما لبلادة في الفهم ، وإما لفقد أستاذ مرشد بصير بالحقائق ، غير منخدع بلامع السراب ، مطلع على جميع شروط البرهان .
فهؤلاء يعتقدون أن الناس كلهم عميان يتلاطمون ، وأنه لا يمكن أن يكون في القوة البشرية الاطلاع على الحق وسلو طريقه.
পৃষ্ঠা ১৬৫