أوقفني في العز وقال لي لا يستقل به من دوني شيء ، ولا يصلح من دوني لشيء ، وأنا العزيز الذي لا يستطاع مجاورته ، ولا ترام مداومته ، أظهرت الظاهر وأنا أظهر منه فما يدركني قربه ولا يهتدي إلي وجوده ، وأخفيت الباطن وأنا أخفي منه فما يقوم علي دليله ولا يصح إلي سبيله . وقال لي أنا أقرب إلى كل شيء من معرفته بنفسه فما تجاوزه إلي معرفته ، ولا يعرفني أين تعرفت إليه نفسه . وقال لي لولاي ما أبصرت العيون مناظرها ، ولا رجعت الأسماع بمسامعها . وقال لي لو أبديت لغة العز لخطفت الأفهام خطف المناجل ، ودرست المعارف درس الرمال عصفت عليها الرياح العواصف . وقال لي لو نطق ناطق العز لصمتت نواطق كل وصف ، ورجعت إلى العدم مبالغ كل حرف . وقال لي أين من أعد معارفه للقائي لو أبديت له لسان الجبروت لأنكر ما عرف ، ولمار مور السماء يوم تمور مورا . وقال لي إن لم أشهدك عزي فيما أشهد أقررتك على الذل فيه ، وقال لي طائفة أهل السموات وأهل الأرض في ذل الحصر ، ولي عبيد لا تسعهم طبقات السماء ولا تقل أفئدتهم جوانب الأرض . أشهدت مناظر قلوبهم أنوار عزتي فما أتت على شيء إلا أحرقته ، فلا لها منظر في السماء فتثبته ، ولا مرجع إلى الأرض فتقر فيه . وقال لي خذ حاجتك التي تجمعك علي وإلا رددتك إليها وفرقتك عني . وقال لي مع معرفتي لا تحتاج ، وما أتت معرفتي فخذ حاجتك . وقال لي تعرفي الذي أبديته لا يحتمل تعرفي الذي لم أبده . وقال لي لا أنا التعرف ولا أنا العلم ، ولا أنا كالتعرف ولا أنا كالعلم .
2 - موقف القرب
পৃষ্ঠা ২