الأول: أن الكلام مفروض على ما حكاه أول كلامه فيما يعاقب به الجاني إذا ارتكب جرحا، أو قطعا، أو قتلا، أو هروبا بامرأة، أو أخذ مالا بسرقة، أو خيانة، او بحرابة، او نحو ذلك من التعدي والغضب. هذا نصه وعين لفظة. وإذا كان هذا فرض المسائل المسؤول عنها، فأحكامها من الكتاب والسنة وإجماع الأمة قطعا على وجه من التنصيص، لايحتمل التأويل، وليس إلى تبديله والزيادة عليه، أو النقص منه من سبيل. ومن قواعده التي أشار إلى أن غيره لم يتضلع فيها، وهو وحده تضلع فيها، أنه لا يحل الاجتهاد ولا يصح، بل لا يعقد إلا فيما لم يعلم حكمه من كتاب ولا سنة نصا، ولا من الإجماع. ثم أن المصالح المرسلة، من أغمض طرق الاجتهاد. ثم هي، على القول بدلالتها، من أضعف الأدلة، ولذلك اتفقت الشافعية والحنفية وأكثر الفقهاء على امتناع التمسك بها(¬1). والاجتهاد في العقوبة الرادعة لهذه الجنايات، فضلا عن بنائها على المصالح المرسلة، مع القطع بأحكامها من الكتاب الوسنة، خارج عن المعقول، مخالف لاجماع أهل الفروع والأصول، سيما في مسائل الحدود، لدخول التعبد في مقدارها، والتشديد الوارد في الشريعة في حق من لم يلزم أحكامها في إيراد وإصدارها.
والدليل على ما قلناه من كتاب الله، قوله تعالى: "وما كان لمومن ولا مومنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا(¬2). وقد دل على حرمة الاجتهاد فيه، نص الله وقضاء رسوله صلى الله عليه وسلم من وجوه:
الأول : أنه سبحانه جعل ذلك منافيا لوصف الإيمان.
الثاني : سجل على فاعل ذلك العصيان.
পৃষ্ঠা ১০০