المعنى، كان بمنزلة المثبت في اللفظ. ويقوى ذلك إخراج الشاعر له إلى اللفظ عند الحاجة، فأنه يرده إلى ما يجب له في الأصل ولولا ذلك، لم يجز، ولم يستقم أن يحذفا له جميعًا، لأنه في الفعل يحذف شيئًا واحدًا، ولا يحذف في شيئين، فإن قلت: فقد يحذف حرفا متحركا في الفعل الذي تلحقه تثنية، الفاعلين وجمعهم، وفي المخاطب المؤنث، وذلك شيئان. فإنَّ الحركة في هذا القبيل لما كانت لإلتقاء الساكنين، كان المحذوف كأنه شيء واحد. يدلك على ذلك، حذف اللام له إذا كان حرفًا لينا، وهو حرف واحد مفرد من الحركة، فإذا كان الجزم يحذف له مفرد لم يستقم إن يحذف له شيئان لمخالفة ما يكون عليه في غير هذا الموضع. فأما إعراب هذا الضرب من الفعل، وهو الذي يلحق أوله زيادة من الزيادات الأربع، فلمشابهة الإسم. ووجهة الشبة أن لفظه وأن كانّ أصله لما كان حاضرًا فقد وقع على الآتي، وقوعه على الحاضر فصار أحدهما لا ينفصل من الآخر. كما أن رجلًا لا يدل على زيد دون عمرو.
فإذا أدخلت على الإسم حرفًا خصه لبعض ما كان يدل عليه، كما أنَّ لام التعريف إذا دخلت على الإسم، خصته بغير ما كان يقع عليه، وزالت الإشاعة التي كانت قبل دخول الحرف. فهذا وجه من الشبه الذي يختص به هذا الضرب من الفعل دون أمثلة الآتي، وأمثلة الحاضر. ومن شبه هذا الضرب بالإسم دخول لام الإبتداء، عليه في حال وقوعه خبرًا، ووجه الشبه إن هذه اللام تختص بالدخول على الأسماء المبتدأة دون الأفعال، وكان حقها في هذا الوضع أيضًا أن تقع أولًا، وصدرًا، كما تقع في غير هذا الموضع، وذلك في نحو: أزيد منطلق، ولعمرو ذاهب. فكما لم يستقم إجتماع الحرفين أولًا لكونهما بمعنى واحد. والحرفان إذا كانا بمعنى واحد، لم يجز إجتماعهما آخرًا إلى الخبر من حيث كان الخبر في المعنى هو المخبر عنه، وما يؤول إلى ما هو المخبر عنه في المعنى. فدخل على هذا الضرب من الفعل من حيث كان مشابهًا له ومقارنًا. فلم يدخل على غيره
1 / 120