بالإضافة. ألا ترى (أنّ) الجرّ يكون بأحد أمرين: أما إضافة إسم إلى إسم. أو إضافة فعل إلى إسم، وكلاهما يوجب تخصيصًا، والغرض في صياغة هذه الأمثلة (التي تسمى) بالأفعال، خلاف التخصيص. ألا ترى أنها تكون الجرّ المستفاد من الجملة. والغرض في الإضافة التخصيص، وإخراج المضاف بها من الإشاعة إلى المخصوص، فمنها ما تضع اليد عليه كغلام زيد، ودار الخليفة، ومنها ما يكون ضربًا من التخصيص، وإن لك يكن كالأول، كغلام رجل، وصاحب إمرأة. فلما لم تخل الإضافة في كلا ضربيها من أن تحدث تخصيصًا، وكان الغرض في صياغة الفعل خلاف ذلك، لما أعلمتك، لم تستقم الإضافة إليه. لأنه يصير نقصًا، لذلك الغرض الذي قصد به، ووضع من أجله. فمن أجل هذا لم تضف إليه، كما لم يضف إليه، لأن الإضافة توجب التعريف، ووضع الفعل بخلافه، وكذلك لم تدخل عليه لام التعريف، لأنه في باب إيجابه التخصيص مثل الإضافة، وتوصل في محاولة ذلك فيه إلى لفظ آخر غيره، جعل بمعناه، كما توصل إلى نداء ما فيه الألف واللام حيث لم يسغ إجتماعها مع حرف النداء إلى نداء شيء آخر جرى عليه ما فيه الألف واللام، وذلك قولهم: يا أيها الرجل، فكذلك حيث لم يسغ دخول (الألف) واللام على الفعل من حيث كان مؤدي إلى نقص الذي وضع له الفعل، أدخل على ما دلّ عليه، وذلك قولهم: هذا الضارب زيدًا أمس. فلولا كون إسم الفاعل بمعنى الفعل، لم يجر هذا. ألا ترى أنك لو قلت: رأيت ضاربًا زيدًا أمس، لم يستقم. فإن قلت: هلا أضيف إلى الفعل. وإن كان لا يختص كما أضيف إلى النكرة المضاف إليها، لم توضع لخلاف التخصيص.
ألا ترى أنَّ النكرة قد يعاقبها التعريف، فعلم بذلك إنها لم يقصد بها الإشاعة في جميع أحوالها، كما كان القصد في الفعل أن يكون لخلاف التخصيص
1 / 118