فقد يكون الإيحاء إلهاما ، ويكون الإيحاء من الوحي كلاما ، ويكون الإلهام تعريفا وفطرة ، ويكون الكلام تعليما وتذكرة ، وأي ذلك كان ، فعلم وبيان ، لا ينكره ولا يدفعه بالله مقر ، ولا يأباه إلا ملحد في الله متكبر ، لا ينكر صاغرا وإن كابر بالانكار في أن للنحل وأشباهه احتيالا ، وأن لها صنعا محكما وأعمالا ، فيما يرى من شهدها ، وعجيب ما فيه من عقدها.
122 وسألته : عن قوله : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ) [النساء : 102]؟
فتأويلها ( وإذا كنت فيهم ) يريد : في سفر وخوف معهم ، فأقمت الصلاة لهم ، ( فلتقم طائفة منهم معك )، يقول سبحانه من جميعهم معك ، وليأخذوا أسلحتهم كلهم ، من قام معك في الصلاة ومن لم يقم معك منهم ، ( فإذا سجدوا ) [النساء : 102] يعني الذين معه في صلاتهم آخر سجدة منها فأتموا ، وفرغوا من صلاتهم كلها وسلموا ، ( ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) [النساء : 102] كلهم ، من صلى معك ومن لم يصل منهم ، ولا يقال للطائفة الآخرة لم يصلوا ، إلا والطائفة الأولى قد صلوا.
ولا تصلى صلاة الخوف إلا في سفر ، ولا يصلى شيء منها في حضر ، لأن أهل الحضر في بيوتهم وحصونهم مستترون ، وأهل السفر لعدوهم بارزون مصحرون (1). وصلاة الخوف أن يصلي الإمام بإحدى الطائفتين ركعة واحدة ثم يقومون ، فيتمون الركعة الثانية ثم يسلمون ، والطائفة الأخرى الواقفة للعدو في سلاحهم مستلمون ، وليس لهم شغل من صلاة ولا غيرها سوى المواقفة ، والحراسة لأنفسهم وإخوانهم من عدوهم بالمصافة ، فإذا رجعوا إليهم من صلاتهم ، وقعدوا للعدو موقفهم ، ولم يزايلوا أبدا مواضعهم ، حتى يتم إخوانهم من آخر الصلاة ما أتموا ، ويسلموا من صلاتهم كما سلموا ، فتكون كل واحدة من الطائفتين قد حرست كما حرست ، وأخذت منهما من الحراسة ما أخذت ، وأعطت من الحراسة ما أعطت ، وصلى بها من الصلاة مع الإمام ما
পৃষ্ঠা ৫৯৭