ومعنى إيحاء الشياطين ، هو إلقاء الشياطين للمجادلة للمؤمنين ، (1) والشياطين كما قال الله سبحانه فقد تكون (2) من الجن والإنس ، وما يلقون إلى أوليائهم من المجادلة من زخرف القول واللبس ، كما قال الله سبحانه : ( شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ) (112) [الأنعام : 112] ، يريد سبحانه بقوله : ( فذرهم وما يفترون ) [الأنعام : 112] من الخزي (3) بزخرف القول وغروره وما يقولون ، فسيعلمون من بعد ما هم فيه من دنياهم إلى أي منقلب ينقلبون.
103 وسألته : عن تأويل : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره ) [الأنعام : 125]؟
فتأويلها رحمك الله من يرد الله أن يرشده فيزيده هدى على هدى ، لأنه لا يعطي الهداية إلا من اهتدى ، كما قال تبارك وتعالى في زيادته لهم هدى إلى هداهم : ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) (17) [محمد : 17] ، والتقوى فمن الهدى ، وآتا ، فمعناها : وأعطا ، فهو آتاهم التقوى بتبصرته وتقويته لهم على ما عملوا منها ، وبمنعه لهم تبارك وتعالى من الضلالة ونهيه لهم عنها ، وليس بين الضلال والهدى منزلة ، هادية لأهلها ولا مضلة ، فمن يرد الله أن يهديه بعد الهدى ، يشرح يريد : يفتح صدره للتقوى ، ومن يرد أن يضله الضلالة والعمى ، يجعل صدره بما اتبع من الضلالة والهوى ، ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ، كذلك يفعل الله بأهل الضلالة والاعتداء.
104 وسألته : عن قول الله سبحانه : ( إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ) [الأعراف : 155] ما هذه الفتنة؟
وهي الابتلاء من الله والاختبار والمحنة ، وإضلاله وهداه بها ، فهو عنها وبسببها ، و ( يضل من يشاء ويهدي من يشاء ) [النحل : 93 ، فاطر : 8] ، هو إضلاله إن ضل
পৃষ্ঠা ৫৮৮