وأما الثالث : وهو أنه لولا أن إجماعهم حجة ومتابعتهم واجبة لما أمننا ؛ لأن المعجزات الظاهرة على يديه صلى الله عليه وآله وسلم قد أزاحت عنا تجويز التلبيس والتغرير في أخباره، فلو لم يكن قولهم واجب الإتباع لكان قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا). إتيان لنا من غير مأمون، واستدعاء إلى ارتكاب المخوف، وذلك أعظم التغرير وأقبح التلبيس، وقد ثبت أنه لا يجوز عليه شئ من ذلك.
وأما الطريقة الثانية من الطريقتين المتقدمتين فهي: أنا نقول قد ثبت لنا بما قدمنا كون إجماع أهل البيت عليهم السلام حجة فلا يخلو القائل بأن إجماع الأمة حجة، إما أن يعتبر أهل البيت أو لا يعتبرهم، فإن لم يعتبرهم فقد أخرج أفاضل الأمة عن أن يعتد بهم ولا قائل بذلك، وإن اعتبرهم فالحجة لازمة لقولهم لما قدمنا، فلا معنى لجعل إجماع الأمة إجماعا ثانيا غير إجماع العترة، فقد صح لك أن مدار الحق على العترة في الحالتين جميعا، وذلك يكشف أنه لا اعتبار بمن سواهم، إلا أن نجعل الحجة ما كان قائما بنفسه في الدلالة فلو ساغ جعل ما ليس بحجة حجة إذا انظم إلى الحجة لساغ قول من يقول: إن قول الواحد حجة يجب اتباعها إذا انضم إلى دليل عقلي، وذلك ظاهر الفساد فهذان الطريقان بحمد الله كافيان لمن أنصف.
পৃষ্ঠা ২৩