وأما الأصل الثاني وهو: أنه لا يختار له شهداء إلا من يكون قولهم حجة واجبة الإتباع فما دل عليه عدله وحكمته يوجب ذلك، ألا ترى أن قاضيا من قضاة المسلمين لو قال: قد اخترت فلانا شاهدا ووجب عندي قطع الحق بقوله لدلنا ذلك أنه قد رضي بقوله، وثبتت عدالته عنده وأنه لا يقول إلا ما يجب العمل به فعلام الغيوب أولى بذلك، لأنه إذا اختار هذا النصاب للشهادة على الناس دل ذلك على أنهم عدول عنده، وأنهم لا يقولون إلا الحق ((فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنا تصرفون)).[يونس: 32].
وقول من يقول: إن عموم الآية تتناول جميع ولد إبراهيم من اليهود والنصارى وغيرهم من سائر القبائل من ولد إبراهيم عليه السلام قول لا وجه له، فإنه وإن كان كذلك فإن الأخبار الواردة من جهة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أوجبت متابعة من عدا عترته من القبائل، فالآية وإن كانت عموما قد خصتها الأخبار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والكتاب والسنة يحذيان إلى جهة واحدة، فلا يجوز الفرق بينهما ولم ينص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على أن قول غير عترته من القبائل حجة، فيجب حمل الآية على أن المراد بها عترته عليهم السلام دون ما ولد إبراهيم لهذه الدلالة، فهذا الذي دل عليه الكتاب.
وأما السنة: فالدلالة منها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).
والكلام في هذا الخبر يقع في موضعين:
পৃষ্ঠা ২০