إن البرية قد ملت سياستكم
فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا
وخرج يزيد من لدن العباس حزينا مترددا، ولكن الرغبة في الملك أغرته بنبذ وصايا أخيه، فنفض عنه ما كان قد أصابه من يأس، وطرح ما كان مسه من خوف، والتقى بجماعات الساخطين، وكان بينهم يزيد بن عنبسة فبايعه سرا، ولما اجتمع له أمره قصد إلى دمشق متنكرا في سبعة من أنصاره؛ فنزل على المزة، وهي أرباض دمشق، وقصد قدما إلى دار معاوية بن مصاد زعيم قومه، فبايعه وبايعه كثير من أهله ورجاله، ثم رحل إلى دمشق، وعزم على إظهار الدعوة، فأرسل إلى أصحابه فكمنوا عند باب الفراديس، ودخلوا المسجد الجامع لصلاة العشاء، فلما أتموا المكتوبة قبضوا على من بالمسجد من الحراس وكبلوهم، ومضى يزيد بن عنبسة إلى يزيد بن الوليد فأخبره الخبر، ثم قال: قم يا أمير المؤمنين، وأبشر بنصر الله وعونه! فاتجه يزيد إلى السماء، وهو يقول: اللهم إن كان هذا لك رضا فأعني وسددني له، وإن كان غير ذلك فاصرفه عني! وانطق مع ابن عنبسة في دروب دمشق، وكلما سارا خطوات انضم إليهما أعوان وأنصار، وما جاء اليوم الثاني حتى توافدت على يزيد الكتائب يقودها مشايخها، وهي تتحرق للقتال، وترجو ما وراءه من غنائم.
وطار أحد عبيد الوليد على جواد يسابق الريح إلى سيده، فلما بلغ الأغدف رآه بين ندمائه، وعمر الوادي ينشدهم:
أدر الكأس يمينا
لا تدرها باليسار
اسق هذا ثم هذا
صاحب العود النضار
من كميت عتقوها
منذ دهر في جرار
অজানা পৃষ্ঠা