وأما ما كان من الأنواع ليس هو جنسا، فليس الواحد منها أولى من الآخر بأن يوصف جوهرا، إذ كان ليس توفيتك فى إنسان ما أنه إنسان أشد ملائمة من توفيتك فى فرس ما أنه فرس. وكذلك ليس الواحد من الجواهر الأول أولى من الآخر بأن يوصف جوهرا، إذ كان ليس إنسان ما أولى بأن يوصف جوهرا من فرس ما. وبالواجب صارت الأنواع والأجناس وحدها دون غيرها تقال بعد الجوهر الأول جواهر ثوانى، لأنها وحدها تدل على الجواهر الأول من بين ما تحمل عليه؛ فإن موفيا إن وفى إنسانا ما ما هو، فوفاه بنوعه أو بجنسه كانت توفيته له ملائمة؛ وإذا وفاه بأنه إنسان كان ذلك أبين فى الدلالة عليه من توفيته له بأنه حى؛ وإن وفاه بشىء مما سوى ذلك أى شىء كان، كانت توفيته له غريبة مستنكرة: كما إذا وفى بأنه أبيض أو أنه يحضر أو شىء من أشباه ذلك أى شىء كان. فبالواجب قيلت هذه دون غيرها جواهر. وأيضا لأن الجواهر الأول موضوعة لسائر الأمور كلها، وسائر الأمور كلها محمولة عليها، أو موجودة فيها، لذلك صارت أولى وأحق بأن توصف جواهر. وقياس الجواهر الأول عند سائر الأمور هو قياس أنواع الجواهر الأول وأجناسها عند سائر الأمور الأخر كلها، وذلك أن سائر الأمور كلها على هذه تحمل: فإنك تقول فى إنسان ما إنه نحوى، فأنت إذا تقول: «نحويا» على الإنسان وعلى الحى؛ وكذلك تجرى الأمور فى سائر ما أشبهه.
পৃষ্ঠা ১০