فكما أن حضور الأشياء التى من شأنها أن تفيد الضوء يجعل المشف بالقوة مشفا بالفعل كذلك المشف بالفعل يقبل لون المبصرات عند حضورها بمنزلة ضوء ثان إذا قبل فعلا آخر ثانيا أعنى قبول الألوان، وذلك أن اللون يحرك فى المشف بالفعل كما أن الضوء يحرك فى المشف بالقوة، وإنما يفعل اللون ذلك إذا صار الجسم كله الذى يقوى على أن يتغير بحضور الألوان يتغير دفعة إليها ويتلون بضرب من الضروب
والحدقة أيضا هى من الأشياء المشفة وقد تقبل مع الهواء المضىء الذى فيما بينها وبين المبصرات الضوء 〈قبولا〉 ليس بدون قبول الهواء إذ كانت هى أيضا مشفة وتتحرك بالتغير الذى يكون من الألوان، فإذا تغيرت ضربا من التغير خدمت النفس الحساسة الباصرة على مثال خدمة المشف الخارج
واللون فليس يظهر فى الهواء وهو يظهر فى الحدقة لأن الأشياء المشفة منها ما هى مشفة فقط ومنها ما هى مشفة يظهر فيها مع ذلك لملاستها وكثافتها الذى قبلته تجمع المبصر وتمسكه حتى أنه قد يظهر لنا ما فيها، فالصنف الأول من الأشياء المشفة هى الأجسام اللطيفة بمنزلة الهواء، والصنف الثانى وهى التى فيها كثافة ما وصلابة قد ترى فيها وتحفظ صورة المبصر وظله بمنزلة المرايا والزجاج والأحجار المشفة والماء، فإنه أغلظ وأصلب من الهواء فهو لذلك يقوى أكثر من الهواء على أن يجمع صور المبصرات وأظلالها ويمسكها
وقد تبين أن الحدقة أيضا من ماء، والخرم الذى ينفذ من الحدقة إلى الحاس الأول إذا كان الحال التى هو عليها 〈كذلك〉 قد يؤدى الصورة التى من المبصر واللون إلى الحاس 〈والحاس〉 يميز بالمصادقة التى بين المبصرات الجسم الواقع تحت الحس، وذلك أن طبيعة الحس إنما هو تمييز الانفعال الذى تؤديه الآلات
পৃষ্ঠা ১৪৯