وروى أن واصلا دخل المدينة، ونزل على ابراهيم بن يحيى، فسارع إليه زيد بن على «5»، وابنه يحيى بن زيد «6»، وعبد الله بن الحسن وأخوته، ومحمد بن عجلان، وأبو عباد الليثى. فقال جعفر بن محمد الصادق «1» لأصحابه: «قوموا بنا إليه». فجاء والقوم عنده- أعني- زيد بن علي وأصحابه فقال جعفر: «أما بعد فإن الله تعالى، بعث محمدا بالحق والبينات. والنذر والآيات، وأنزل عليه، (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) «2»، فنحن عترة رسول الله، وأقرب الناس إليه، وأنت يا واصل أتيت بأمر يفرق الكلمة، وتطعن به على الأئمة، وأنا أدعوكم الى التوبة».
فقال واصل: «الحمد لله العدل في قضائه، الجواد بعطائه، المتعالي عن كل مذموم، والعالم بكل خفي مكتوم، نهى عن القبيح ولم يقضه، وحث على الجميل ولم يحل بينه وبين خلقه، وإنك يا جعفر وابن الأئمة، شغلك حب الدنيا، فأصبحت بها كلفا، وما أتيناك إلا بدين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وصاحبه وضجيعيه ابن أبي قحافة، وابن الخطاب، وعثمان وعلى بن أبي طالب، وجميع أئمة الهدى، فإن تقبل الحق تسعد به، وإن تصدف عنه تبوء بإثمك. فتكلم زيد بن علي، فأغلظ لجعفر، أي أنكر عليه ما قال، وقال: «ما منعك من اتباعه إلا الحسد لنا، فتفرقوا».
قلت: «روى ذلك الحاكم وغيره، والله أعلم بصحتها». قال ابن برد: «إذ كان زيد بن علي لا يخالف المعتزلة، الا في المنزلة بين المنزلتين». ومن كلام جعفر بن محمد الصادق، وقد سئل عن القدر: «ما استطعت أن تلوم العبد عليه، فهو فعله، وما لم تستطع، فهو فعل الله. يقول الله للعبد: لم كفرت؟ ولا يقول لم مرضت؟ فلا تقول أن جعفرا انكر على واصل القول بالعدل، بل المنزلة بين المنزلتين»، إن صحت الرواية.
পৃষ্ঠা ৩৬