أصحاب «أبي الهذيل حمدان بن الهذيل العلاف» شيخ المعتزلة، ومقدم الطائفة، ومقرر الطريقة، والمناظر عليها، أخذ الاعتزال عن «عثمان بن خالد الطويل» عن «واصل» عن «أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية»، ويقال أخذه عن «الحسن بن أبي الحسن البصري». وإنما انفرد عن أصحابه بعشر قواعد:
الأولى: أن البارى تعالى عالم بعلم، وعلمه ذاته، قادر بقدرة، وقدرته ذاته.
حي بحياة، وحياته ذاته.
وإنما اقتبس هذا الرأي، من الفلاسفة الذين اعتقدوا، أن ذاته واحدة، لا كثرة فيها بوجه، وإنما الصفات، ليست وراء الذات، معاني قائمة بذاته، بل هي ذاته، وترجع إلى السلوب أو اللوازم كما سيأتي.
والفرق بين قول القائل: (عالم بذاته لا بعلم)، وبين قول القائل: (عالم بعلم هو ذاته)، أن الأول نفي الصفة، والثاني إثبات ذات هو بعينه صفة، أو إثبات صفة هي بعينها ذات «1».
وإذا أثبت «أبو الهذيل» هذه الصفات، وجوها للذات، فهي بعينها «أقانيم» النصارى، أو «أحوال» أبي هاشم «2».
الثانية: أنه أثبت إرادات لا محل لها، يكون الباري تعالى مريدا بها.
وهو أول من أحدث هذه الماقلة، وتابعه عليها المتأخرون.
الثالثة: قال في كلام الباري تعالى. إن بعضه لا في محل، وهو قوله.
«كن»، وبعضه في محل، كالأمر، والنهي، والخبر، والاستخبار، وكأن أمر التكوين عنده، غير أمر التكليف.
الرابعة: قوله في «القدر» مثل ما قاله أصحابه، إلا أنه قدري الأولى، جبري الآخرة، فإن مذهبه في حركات أهل الخلدين في الآخرة، إنها كلها ضرورية، لا قدرة للعباد، وكلها مخلوقة للباري تعالى، إذ لو كانت مكتسبة للعباد لكانوا مكلفين بها.
পৃষ্ঠা ১৫৫