إياك يا بني: أن تستن بسنن أهل الاختيال، أو تعمل بعمل يستقبح من الأعمال، وإن كان ذلك في الناس كثيرا، وفي غيرك مشهورا، فإنما يستحق اسم السؤدد، عند كل أحد، من قل اختياله، واستحسنت أعماله، وجاد بالمعروف، وعطف بالفضل على الضعيف، وطبع نفسه بطابع المروءة، وصانها عن الأخلاق المذمومة، ومن صح عنده كرمه، وظهرت على غيره نعمه، وزال لمزايلة ما تهواه نفسه ذمه، برز في السبق، وصار محمودا عند الخلق، وبان عن سواه، وتكاملت أسبابه، وليس كل عاقل مفضل بعقله، حتى يحتمل من عاذله كثرة عذله، فلا تؤدب العاقل بما يستثقل، ولا تحمله مالا يحتمل، فإن مداوي الجرحى، قد يحميهم ما لا يحمي منه الأصحاء. وليس بطبيب ولا برفيق، من أمر من الدواء بما ليس له المأمور بالمطيق. ومن ادعى المعرفة بالتفرس قبل الامتحان، فقد سبح في الغمر الذي ليس له به يدان .
পৃষ্ঠা ২০৩