--- وكذلك في قصة الدهناء, ومن المعلوم الذي لا يشك فيه أن الإنسان لو وكل وكيلا على عمل من الأعمال ثم عزله قبل أن يفعل الفعل أو بعد فعله, وكانت وكالته عامة أنه لا حرج عليه ولا عتب في الدين ولا في الدنيا، والوكالة ولاية، والولاية في معنى الوكالة لا فرق بينهما عندنا، وقد روينا عمن نثق به عن الإمام المنصور بالله عليه السلام أنه اتفق له ثلاثة ولاة لموضع واحد في يوم واحد في مكان واحد، وذلك جائز تبيين ذلك أن مبنى ولايات أولي الأمر على نحو ما يقضي به النظر في اعتبار الأصلح والأقوم بأعباء ما حمل, ومن الجائز أن يقع نظر المولى على واحد ثم يتجدد نظره على الأصلح منه, فيفسخ ثانيا ما فعله أولا لأجل المصلحة، أو مصادفة الموافق, وهذا نوح ألحقه الناس بباب العقود وليس منها وطعنوا به جهلا بمواقع العلم وإيثار الهوى, على ما قضى بصحته العقل والشرع.
والنوع الآخر الذي ألحقوه بالعقود وليس منها: الرقاعات التي تتضمن الصلات والهبات، وليس الأمر كما اعتقدوه, ولا حكم الله يقف على ما توهموه، لأن هذا ليس بعقد لازم، بل إن حصل ذلك فهو المطلوب، وإن لم يحصل لم يقتض تعذره فسقا ولا كفرا, ولا قلة وفاء، لأن الفاعل لذلك قد يتوهم أن هناك شيئا حاصلا وليس به، أو يتصور أن شيئا يحصل فيتعذر بعض أسبابه وصاحبه محسن، وقد قال سبحانه: { ما على المحسنين من سبيل قدمهم } لأجل ذلك ذم لمن لا يستحق الذم، وهذا عند كافة أهل الإسلام لا يسمى: عقدا، وأكثر ما في ذلك أن الفاعل لذلك والتارك للعطاء غير ممتثل للأمر، فهو العاصي دون الآمر إن كان المأمور به حاصلا.
পৃষ্ঠা ১৩