--- ووجه رابع: وهو المصيبة الكبرى, والفافرة العظمى, انظروا إلى الصف الذي كان فيه هل بقي بعده, أو سعيتم في نقض ذلك البيان المرصوص؟! فهل يشده ويشيد بنيانه وتأتون فتخربونه وتهدمونه؟! ثم تكونون معه يوم القيامة!! فلماذا أرسل الرسول, وأنزل الكتب, وأرصد الوعد والوعيد, وأعد الثواب والعقاب؟! إن ألحق المسيء بالمحسن, والكافر بالمؤمن؟!! ? ليس بأمانتكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سواء يجزيه ?.
فأما الذي تدعونه علينا من قلة الوفاء، فإن كان هذا عذرا فيما فعلتموه من الأفعال القبيحة، فإن الإنسان لا يكون معذورا فيما يفعله من المعاصي لأجل إساءة غيره إليه, وقلة وفائه له، الكفر لا ينباح بما ذكرتم لو صح، ? أحسنوا حيث أساء الناس ? كما ورد في الخبر مع أنا لم نفعل شيئا مما ذكرتم, بل فعلنا أفعالا نعرضها على الكتاب الكريم والسنة الشريفة والعقول التي ركبها الله تعالى حجة على الخلق، وجعلها وما تقدم من الأدلة آية للحق، وهو أنا نقول: شرطنا وحرمتم شروطنا فتركنا مشروطكم, فلو وفينا مع الإخلال بالشروط التي جعلناها فارقة بين عقود المسلمين وعقود غيرهم, لكنا قد نصحنا من غش المسلمين, وقربنا من أبعده رب العالمين, مع أن العقود التي يجب الوفاء بها هي عقود الذمم, والعقود اللازمة في الإصلاح. فأما الولايات والإقطاعات وما يجرى مجراها فليست بعقود عند من عقل الصواب, وفهم مضمون ما انطوت عليه السنة ونطق به الكتاب، إذ لو كانت عقودا لما رجع النبي صلى الله عليه عنها في مجلسه وللزمت الولايات, وما كان لنبي ولا إمام أن يعزل ولا يولي غير من ولاه، وضرورة الدين وما علم من أمور المسلمين يقضى ببطلان ذلك.
ألا ترى أن النبي صلى الله عليه رجع عن (( إقطاع الأبيض بن جمال حبل الملح بمأرب!! حين قيل: يا رسول الله أعلمت ما أقطعته؟! قال: لا. قال: إنما أقطعته العد الذي لا ينفذ فرجع في الحال عن ذلك )).
পৃষ্ঠা ১২