ضرب: يستعمله من له معرفة بالقياسات العقلية من الموحدين، مثاله: ما يعلم ضرورة من كون كل صناعة في الشاهد كالبناء والكتابة محتاجة إلى صانع؛ لأجل كونها محدثة؛ فالعلة هي كون الصنعة محدثة، ومعلولها هو الحاجة إلى الصانع ولهذا وجب بطريقة القياس العقلي أن يكون العالم محتاجا إلى صانع لأجل كونه محدثا.
والضرب الثاني: يستعمله من له معرفة بالقياسات الفقهية، مثاله: تحريم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لبيع الفضة بالفضة متفاضلا ونسأ؛ لأجل كونها جنسا موزونا فالجنس والوزن هو العلة، ومعلولها هو تحريم البيع متفاضلا ونسأ، وكذلك البر بالبر ولهذا وجب من طريق القياس الشرعي إجراء الحكم بذلك في كل ما شارك المنصوص عليه مما عداه في العلة والحكم.
والضرب الثالث: ما يستعمله من له معرفة بوجه الحكمة إذا سئل عن فعل من أفعال الله سبحانه لم فعله؟؛ نحو أن يقال: لم خلق الله العالم؟
فنقول: لإظهار الحكمة.
فإن قيل: لم أظهر الحكمة؟
قيل: لأن إظهارها في العقل حسن، وفعل الحسن في العقل أولى من تركه، وهذا غاية ما ينتهى إليه بالسؤال في هذه المسألة.
وإذا سئل عما لم يعرف وجه الحكمة فيه، لم يجب إلا بأن الباري سبحانه حكيم، والحكيم لا يجب عليه أن يعرف الناس بعلة كل فعل يفعله، ولا خلاف في أنه يجب التسليم للحكيم المخلوق؛ فبأن يجب للباري سبحانه أولى.
পৃষ্ঠা ৪০