وأما تضمنه للجهل بالفرق بين صفة العقل وصفة العاقل؛ فلأن العقل صفة والعاقل موصوف، والصفة حالة، والموصوف محلول فيه، والحال غير المحلول، ولأن المأمور المنهي المميز بين ما أمر به ونهي عنه لا يكون إلا عاقلا بعقل هو غيره، وهذا هو المعقول المعلوم بالمشاهدة، ولأن العقل لو كان يجوز أن يوصف بصفة العاقل لاحتاج كل عقل إلى عقل إلى ما لانهاية له، وذلك محال بالإجماع.
وإن كان ذلك الخبر متأولا على غير ما يفيده بظاهره؛ لم يكن لهم
فيه حجة، وكل دعوى بلا حجة فهي باطلة بالإجماع.
[قول المعتزلة في العقل والرد على ذلك]
والقول الرابع: هو قول المعتزلة: إن العقل مجموع عشرة علوم ضرورية، وذلك تكلف منهم وتوهم لما لا طريق لهم إلى معرفة ماهيته وكيفيته، لأجل كون العقل جاريا مجرى السمع والبصر وما أشبههما مما يعلم ولا يتوهم، ومع ذلك فلو صح قولهم لما جاز أن يتفاضل العقلاء في العقل؛ لأجل كون تلك العلوم فيهم بزعمهم على سواء، والمعلوم خلاف ذلك، ولأن العلوم الضرورية أكثر من عشرة، وتخصيصهم لبعض منها دون غيره دعوى مبتدعة لا دليل على صحتها من عقل ولا سمع ولا قال بذلك أحد قبلهم ولا بعدهم إلا من قلدهم بغير دليل.
পৃষ্ঠা ২৪