[ فرق المرتدين ]
واختلف أهل هذه الردة على أقوال شتى، وفروع وتشتت آراء، ومعظم قولهم في الجملة على ثلاثة أقوال ما شذ عنها في اللفظ رجع إليها في المعنى:
فرقة أنكروا الإسلام جميعا، وصوبوا ما كانت عليه الجاهلية وهم الأقل.
وفرقة أقروا بالإسلام جملة ولم ينقصوا حرفا واحدا إلا الزكاة فقالوا: كانت تجب تأديتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد موته يفرقها أربابها في مستحقيها؛ فخالفوا ما علم من دين النبي صلى الله عليه وآله وسلم ضرورة، أن ما كان له من الأمر في الأمة كان للإمام القائم بالحق من بعده.
وفرقة قالوا: نقر بالإسلام، ولكن لا نقيم الصلاة، ولا نؤتي الزكاة ويكفينا الإقرار بالإسلام.
فهاتان الفرقتان مقرتان بالإسلام، شامختان بالتوحيد، يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله؛ وإنما منعوا الصدقة من القائم بعد رسول الله حتى أن جل الصحابة رضي الله عنهم قالوا لأبي بكر: لو تركتهم والصدقة حتى يتقوى أمرنا، ويرجع إلينا بعض ما نريد من قوتنا لكان أولى. فقال: والله لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [لقاتلتهم عليه]. ولا خلاف نعلمه بين أحد [من المسليمن] العلماء أن أبا بكر ما قاتل إلا المرتدة، فجعلوا منع الصدقة ردة، وناهدهم الحرب فهزموا المسلمين في أول يوم فقال شاعرهم - قيل: إنه الحطيئة:
فدى لبني ذبيان رحلي وناقتي .... عشية يحدي بالرماح أبو بكر
عشية طارت بالرجال ركابها .... ولله جند ما تطير ولا تجري
ولكن تدهدى بالرجال فهبنه .... إلى قدر ما أن يزيد ولا يجري
أطعنا رسول الله ما كان وسطنا .... فيا لعباد الله ما لأبي بكر
أيورثها بكرا إذا كان بعده .... وتلك لعمر الله قاصمة الظهر
فهلا رددتم وفدنا بزمانه .... وهلا خشيتم حس راعية البكر
পৃষ্ঠা ৩০