إما أن يكون ساكنا.
وإما أن يكون متحركا، وأي المعنيين كان فيه فهو يدل على حدثه (1)، لأنه إن كان ساكنا فسكونه (2) على ضربين:
سكون ماض، وسكون مستقبل.
فالسكون الماضي يدل على مبتداه، والسكون المستقبل فقد ناهاه، لأن ما مضى من السكون له آخر، وما كان له آخر فله أول، ويستحيل آخر بلا أول، لأن آخر السكون هو أقل قليل الأوقات، وما مضى منه فهو أوله الكثير، وذلك السكون الماضي الذي هو بزعمهم قديم لا يخلو من أن يكون عدم كله أو لم (3) يعدم، فإن قالوا: إنه غير معدوم فهذا محال، لأنه قد سكن من الدهور والأزمان ما لا يحصى من ألوف السنين، والألوف فقد عدمت، ولم يعدم آخرها إلا بعد عدم أولها، وإذا صح عدم الجميع فقد صح تناهي السكون الماضي، لأن العدم قد وقع على أوله وآخره، وإذا صح أن له أولا فقد بطل قدمه وثبت حدثه (4)، وإذا بطل قدمه وثبت حدثه (5)، فقد صح حدث الجسم، إذ لم يسبقه ولم يتقدمه.
ودليل آخر
قالوا لما نظرنا إلى الجبل ساكنا غير زائل، علمنا أنه لم يسكن وقتا إلا وقبل الوقت وقت إلا ما لا نهاية له ولا غاية (6)، وهذا محال بين الإحالة عند من عقل، لأن سكون الجبل على قسمين:
قسم قليل.
وقسم كثير.
فالقسم القليل موجود وهو المستقبل، لأنك إذا نظرت سكونه انتظرت أن يسكن بالمشاهد أقل مما سكن قبل ذلك فيما مضى من الدهور، لأنه قد سكن فيما مضى ألوف سنين (7) لا تحصى، فأنت قد شاهدته لأنه موجود، ولم تشاهد الألوف لأنها قد (8) عدمت كلها، وذهب أولها وآخرها، وللكل نهاية وغاية، وإذا صح تناهي السكون وانقطاعه، وعدم آخر السنين بعد عدم ما قبلها، فهو على ضربين معدومين:
سكون قبل سكون.
وسكون بعد سكون.
পৃষ্ঠা ১৩৪