قيل له ولا قوة إلا بالله: أوليس قد تقدم فيما مضى من كلامنا أن قولك هذا محال، لأنه ظن، وحدوث الحكمة والنعمة والرحمة يدل على المحدث الحكيم، المنعم الرحمن (1) الرحيم بأيقن اليقين، وقبول العقول أولى من قبول الظن.
ودليل آخر
أنا قد بينا لك أيضا أن قولك متناقض فاسد، لأنك أقررت بالحدث!! ثم نقضت ذلك بقولك: قديم، والمحدث لا يكون قديما كما لا يكون القديم محدثا.
دليل آخر
لا يخلو قولك لا نهاية للأموات من أحد ثلاثة أوجه:
إما أن تكون عنيت جميع الأموات.
وإما أن تكون عنيت بعضهم.
وإما أن تكون ظننت ذلك ظنا وتوهما، فإن كنت ظننت ذلك ظنا، فاليقين أولى بالإتباع من الظن، والحق أولى بالتصديق من الباطل، والتعلق بالخيرة أولى من المقام في الحيرة (2)، وإن كنت أردت بقولك: لا نهاية تريد بعضهم، فهذا محال، إذ لا فرق بين أولهم وآخرهم في وقوع الموت عليهم، وانقطاع آجال جميعهم، وتصرم الكل منهم، وإن كنت عنيت بقولك: لا نهاية له(3) جميع الأموات، فهذا محال، لأن الموت وقع على الكل، وللكل نهاية وغاية.
ألا ترى أن الموت قد حوى الجميع ولم (4) يغادر منهم أحدا، ولم يقع الموت على الفرع حتى تضمن أصله، لأنه لم يفن الفرع حتى أفنى الأصل قبله، ولم يفن بعض الأصل بل أفنى كله.
وإن قلت: إنه حدث من غير محدث، ولا من علة هملا رسلا، فهذا من أحول المحال، وأبطل الباطل وأفسد المقال، لأنه إذا حدث من غير علة ولا محدث، لم يخل من أن يكون حدث من العدم، أو من نفسه!!
فإن قلت: إنه حدث بإحداثه لنفسه فهذا محال، لما قدمنا من فساد ذلك.
পৃষ্ঠা ১৩২