قيل له ولا قوة إلا بالله العظيم: لأن إخراج الفاسقين من العذاب الأليم، إلى الجنة والثواب الكريم، يدعوهم إلى البطر والفساد، وإلى ما كانوا فيه من الكفر والعناد، والعبث والظلم للعباد، وذلك قول الواحد الرحمن، فيما نزل من محكم القرآن:{ ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون }[الأنعام:28]. فكيف لا يستحق هؤلاء الفاسقون، ما صاروا إليه من العذاب المهين؟! مع ما علم الله من كفرهم وفسادهم، وفجورهم وعنادهم، حتى أنه علم أنه لو أخرجهم من العذاب، لعادوا لما نهوا عنه من الأسباب، فكيف يا أخي - أكرمك الله بثوابه، ونجانا وإياك من عذابه - يرجي لهؤلاء أبدا ثوابه؟! أو ينتظر منهم إنابة؟! أو تنفع فيهم موعظة أو تذكير؟! مع ما سمع من قول العليم الخبير!! ومتى يرجي لهم فلاح؟! أو صبر أو رجعة أو صلاح؟! إذا لم يزجروا أنفسهم عن اللذات، ويقطعوها قطعا عن الشهوات، ويجاهدوها جهادا عن المهلكات.
فإن قال قائل، أو سأل من الملحدين سائل: فيكف لا يهلكهم ويفنيهم؟! ويميتهم في النار ويبليهم؟!
قيل له ولا قوة إلا بالله: لأنه لو أماتهم وأهلكهم، لأخلف وعيده في تخليدهم، والحكيم لا يكذب في وعيده، فيكون ناقصا عند جميع عبيده.
وأيضا فإنه لو أهلكهم لكان الموت راحة لهم، ولكان تخفيفا عنهم، وتخليصا لهم من العذاب، وتفريجا من كرب العقاب، فكيف يفرج الحكيم عن من قتل أنبياءه؟! وظلم رسله وأولياءه؟! وأعان على دينه أعدائه ؟! واجتهد في إطفاء نوره! واستهزأ وتلعب أموره، وأقبل على لهوه وفجوره، واشتغل عن وعظه وتذكيره، فكل هؤلاء الظلمة الفجار، الفسقة الأنجاس أهل النار، يظلم على قدر طاقته، ومبلغ قوته واستطاعته.
فمنهم: من فعل جميع الشرور، وركب أنواع الظلمة والفجور، وقتل الأنبياء المرسلين، والأئمة الطاهرين، وأتباعهم الأخيار المؤمنين.
ومنهم: من خذل المرسلين، وأعان بخذلانه لهم القاتلين.
পৃষ্ঠা ১২৮