وإن قلت: إن النجوم لم تبدأ بالحركة من فوق الأرض ولا من تحتها، جحدت حركتها وأبطلتها، وادعيت عدمها، لأنه لا يوجد إلا فوق الأرض في جو السماء، أو تحت الأرض في بعض الهواء. فهذا والحمد لله دليل واضح على بدأ حدثها وجريها، وإبطال ما قيل به من قدمها، والله المستعان، وهو حسبنا وعليه التكلان.
ودليل آخر
أنا نجد النجوم على حالين وهما الطلوع والأفول، ولا تخلو من أحد وجهين فيما مضى من الأزمة:
إما أن تكون تطلع وتأفل.
وإما أن تكون لم تطلع ولم تأفل.
فإن قلت: لم تطلع ولم تأفل جحدت حركتها، وإن أقررت بالطلوع والأفول، لم تخل من أحد ثلاثة أوجه:
إما أن تكون طلعت قبل الأفول.
وإما أن تكون أفلت قبل الطلوع.
وإما أن تكونا جميعا في حال واحد.
فإن قلت: إنها بدأت بالطلوع قبل الأفول، أقررت بمحدث الحركة من الطلوع قبل الغروب.
وإن قلت: إنها بدأت بهما معا في حال واحد، أحلت، وأقررت بالحدث وناقضت، وجعلت الطلوع أفولا، والأفول طلوعا، ولزمك أن تجعل الليل نهارا، والنهار ليلا، والوجود عدما، والعدم وجودا، والباطل حقا، والحق باطلا.
ودليل آخر
أن الذي مضى من الحركة على حالين: طلوع قبل غروب، وغروب قبل طلوع، وللقبل والبعد نهاية وغاية، لأنهما يدلان على الزيادة بعد النقصان، والنقصان يدل على القلة قبل الكثرة، لأن الحركات لم تكثر إلا بعد قلتها، ولا تزيد إلا بعد نقصانها، والزيادة بعد النقصان تدل على نهاية الزائد الذي كان ناقصا قبل زيادة ما زاد فيه.
ودليل آخر
إما أن يكون ما مضى من طلوعها أكثر مما مضى من غروبها.
وإما أن يكون ما مضى من الغروب أكثر مما مضى من الطلوع.
وإما أن يكونا سواء سواء.
পৃষ্ঠা ১০৮