فأما الحال الذي كانت فيه موجودة، فهو حدوثها إذ حدثت، وأما الحال الذي عدمت فيه، فهو وقتها إذ تصرمت قبله بعد حدوثها فعدمت، وإذا صح عدم جميع ما مضى، وتصرم بعد حدوث كله وانقضى، فقد صح ما قلنا به من ذلك، إذ هو في الحدوث كذلك، وإذا صح حدوث الدهر الذي هو كثرة الحركات والسكون، اللذين لم تنفك الأجسام كلها منهما، فسبيله في الحدث سبيلهما، وفي هذا ما قطع أهل الإلحاد والجحود، ودمغ إن شاء الله أهل الكفر والعنود.
وسنزيد بعون الله بيانا، ونوضح إن شاء الله صنع الله لسائلنا بعد إيضاح حملة الدهر وكليته، وكرور أيامه وساعاته، وتبيين صنوفه وأفنانه، ومحاله من الصنع وبيانه. فنقول: إن الحركة أولى ما نحتاج إلى ذكره، إذ هي مشتملة على حدث السكون وغيره، وذلك أن محال الحركة في صنوف من الأجسام، وأماكن من الموات والحيوان، وذلك مثل حركة النجوم والبروق والسحاب، ومثل حركة الأشجار والرياح الهواب، ومثل حركة أمواج البحار، وجري خف التراب والأنهار، وغير ذلك مما يتحرك من الجمادات في الليل والنهار، ومن الحركة ما يحل في الحيوانات، وسنبين إن شاء الله تعالى حدوث جميع الحركات، وما يحل منها في كل حيوان أو موات، فأول ما نبدأ بذكره: حركة الحيوان.
فإن سأل فقال: ما الدليل على حدث حركة الحيوانات وما تنكرون من أن تكون حركات قبل حركات، إلى مالا يتناها من الأوقات؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: دلنا على حدث ما عنه سألت، وفساد ما ظننت وتوهمت، أنا قد بينا لك حدوث الحيوانات فيما تقدم من كلامنا، وأوضحنا نهاية الأوقات في أول قولنا.
পৃষ্ঠা ১০৪