============================================================
واستمر الحال على ذلك حقبة من الزمن تمتد حتى العصور الوسطى، في تلك العصور عقمت أوربة عن رجل يترجم لرجالاتها ، بينما كان التاريخ الإسلامي متربعا على عرشه وفي أزهى حلله: وقد أخذت التراجم بالظهور منذ القرن الثاني للهجرة الشريفة ، وتعد السيرة النبوية الشريفة أوسع ما ألف في التراجم الإسلامية ، وأقدمها ظهورا ، وأولاها باهتمام المؤرخين والكثاب؛ فقد كانت المحور الذي تدور حوله حياة الإسلام ونشأته واتساعه .
ثم نشا تدوين الحديث، وعلى إثره نشا الاهتمام برواة الحديث، مما أدى إلى ظهور كتب في نقد الرجال ، فوضعوا كتبا في الجرح والتعديل: وهكذا خدمت هذذه الكتب موضوع التراجم، ونبهت الأذهان إلى آن توضع تراجم أخرى لطبقات من الرجال تتفق في لون واحد من العلم أو الفن أو الصناعة ؛ كطبقات الصحابة، وطبقات الفقهاء والمحدنين. إلخ: وتتجلى الدواعي لتدوين التراجم وأهميتها في النواحي التالية : حاجة طالب العلم إلى مراجع في التراجم، يعرف من خلالها من تتردد أسماؤهم ويسأل عنها.
-النزاع بين الفرق الذي ربما كان سببه الجهل بسيرة إنسان معين، مما حدا بكل فرقة إلى تدوين تراجم رجالاتها: حاجة المربين إلى القدوة الحسنة ، المتمثلة في السلف الصالح، ولا شيء يؤثر في نفوس الناشئة ويساعد على تربيتهم مثل الحديث عن الذين آثروا في حياتهم سلوك سبيل الحكمة، وكانوا في تصرفاتهم مثلا صادقة في الإيمان بالله، وحب الخير، وعلو الهمة، وشجاعة القلب، وطهارة النفس ، وبذل الأرواح والأموال في سبيل الحق؛ لأن في ذكر المربي والمعلم سير هدؤلاء الرجالات الأبطال. تجسيدا عمليا للقيم والمبادىء، وهو أفضل عامل مساعد على إصلاح الناشثة والمجتمع دفع ظلم عن مظلوم، أو إيضاح لحقيقة ما؛ حيث تقوم بعض كتب السير غير الموئقة بذكر بعض الأخبار التي تشؤه صور بعض العظماء، وتحط من قدرهم العلي، كما وقع في بعض الكتب التي تحط من قدر ذلك الإنسان العظيم ، الذي كان يغزو عاما ويحج عاما؛
পৃষ্ঠা ১৯