ونبتديء في ذلك من الدائرة الموازية التي تحت دائرة معدل النهار، فنقول إن هذه الدائرة تكاد أن تكون هي الحد بين الربع بأسره المسكون من الأرض عندنا وبين الجزء الجنوبي. والأيام والليالي فيها وحدها كلها مساوية بعضها لبعض، إذ كانت كل واحدة من الدوائر التي في الكرة الموازية لمعدل النهار عند ذلك (¬36) فقط يقسمها الأفق بنصفين حتي تكون قطعها التي فوق الأرض متشابهة ومساوية في كل واحدة منها لقطعها التي تحت الأرض. وليس يكون ذلك (¬37) B في شيء من الميل أصلا لكن معدل النهار أيضا وحده في /H102/ جميع المواضع يقسمه الأفق بنصفين وتكون الأيام فيه مساوية لليالي عند الحس إذ كان هو أيضا من أعظم الدوائر. وأما سائر الدوائر الموازية فإنها تنقسم (¬38) بقسمين مختلفين. وتكون في مثل الناحية التي تسكنها ما كان من الدوائر أميل منه إلي الجنوب فإن قطعها التي فوق الأرض أصغر من قطعها التي تحت الأرض وأيامها أقصر من لياليها؛ وما كان منها أميل منه إلي الشمال فبعكس ذلك، أعني أن قطعها التي فوق الأرض تكون أعظم وتكون أيامها أطول زمانا.
والظل في هذه الدائرة الموازية يقع أيضا إلي الجهتين، إذ كانت الشمس /T83/ تصير علي سمت الرأس مرتين عند الذين يسكنون تحتها، أعني في موضعي تقاطع دائرة معدل النهار والدائرة المائلة حتي تكون المقاييس عند ذلك فقط إذا كانت الشمس في وسط السماء لا ظل لها؛ والشمس إذا كانت تسير في نصف الدائرة الشمالي وقعت أظلال المقاييس إلي ناحية الجنوب وإذا كانت تسير في نصف الدائرة الجنوبي وقعت الأظلال إلي ناحية الشمال. وفي هذا الموضع المقدار الذي به تكون المقاييس ستين جزءا يكون (¬39) في كل واحد من الظل الصيفي والظل الشتوي ستة وعشرين جزءا ونصف جزء بالتقريب. وإذا قلنا بالجملة الأظلال فأنما نعني الأظلال في انتصاف النهار، علي أنه ليس يقع فيها من قبل أن الاستوائين (¬40) والانقلابين لا يقع لا محالة في انتصاف النهار علي الحقيقة اختلاف يعتد به. (¬41)
ونقول أيضا إن الذين سكناهم تحت معدل النهار تسامت رؤوسهم من الكواكب، /H103/ الكواكب التي مدارها علي معدل النهار نفسه ويرون الكواكب كلها طالعة وغاربة إذ كان قطبا الكرة علي دائرة أفقهم بعينها، وكانا لا يرسمان دائرة أصلا من الدوائر الموازية لا من الدوائر الدائمة الظهور ولا من الدائمة الخفاء ولا يبتران دوائر أنصاف النهار. (¬42) وأما إن تحت دائرة معدل النهار مساكن فيقولون إن ذلك قد يمكن أن يكون إذ كان هذا الموضع من الأرض في الغاية من اعتدال المزاج. وذلك أن الشمس لا يطول لبثها في النقط التي علي سمت الرؤوس، لسرعة حركتها عند نقطتي الاعتدالين في العرض، حتي يكون الصيف عندهم من قبل ذلك معتدل المزاج ولا تبعد في الانقلابين عن سمت الرؤوس بعدا كثيرا، فلا يشتد برد الشتاء عندهم. وأما أي المساكن هي هذه فلست أقدر أن أقول في ذلك ما أحيط بعلمه، لأنه لم يصر إليها إلي هذه الغاية أحد ممن عندنا وما يقال فيها فهو إلي أن يجري مجري الحدس أقرب منه إلي أن يجري مجري الخبر عن المشاهدة. فهذه هي خواص الدائرة الموازية التي تحت معدل النهار علي جملة القول.
পৃষ্ঠা ১৯