بعد التحية
مقدمه لسيادتكم الطالب محمد حامد الحمامي، أمين اللجنة الثقافية باتحاد المعهد الفني للفنادق ببورسعيد
أما بعد، فأنا آسف إذ أبلغك بأنني فصلت من المعهد بسبب اتباعي لرأي سيادتك، سامحك الله يا دكتور يوسف؛ فأنت السبب في فصلي من المعهد؛ فقد قرأت مقالك أو مفكرتك التي تنشرها كل يوم اثنين في جريدة الأهرام، والتي كانت تتناول إيقاظ الهمة لدى الرأي العام المصري بالطريقة الشرعية لمساندة الانتفاضة الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة، وقد ناشدت في هذا المقال كل التجمعات السياسية والعمالية والطلابية بأن تتحرك لدعم الانتفاضة، وبالذات ناشدت الاتحادات الطلابية في الجامعات والمدارس والمعاهد بأن ترسل برقيات إلى الحكومة الإسرائيلية وإلى سكرتير عام الأمم المتحدة ومجلس الأمن وإلى كل الجهات المعنية تندد بأساليب القمع الدموي التي يتبعها المغتصبون الصهيونيون في الأرض المحتلة.
وما كان مني إلا أن حاولت أن أساهم في هذا الاحتجاج بطريقتي الخاصة المشروعة بأن أقيم معرضا عن الانتفاضة، وذلك بصور ومجلات حائط لتوضيح مدى رجولة الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وتوضيح كفاح الشعب العربي ضد إسرائيل، وما كان مني إلا أن عرضت الأمر على السيد رائد الاتحاد فوافق على إحضار الصور، وعندما أحضرتها وشاهدها رأى ضرورة موافقة السيد عميد المعهد، برغم أن السيد المسئول عن رعاية الشباب قد تحمس لي وشجعني على المضي قدما في نشر ذلك، وما كان مني إلا أن عرضت الأمر برمته على السيد العميد فأبدى استعداده بالموافقة على إقامة المعرض، ولكنه قال لي: أمهلني إلى الغد. فلما جاء الغد فوجئت بدلا من الموافقة بأن مباحث أمن الدولة في بورسعيد تستدعيني وتحقق معي بأسلوب وطريقة كأنني قمت بعمل إجرامي ضد الدولة، هذا: وناهيك عن مصادرة كل الصور والمجلات، وعند عودتي الى المعهد حاولت الاستفسار عن سبب هذا كله، ولكن المفاجأة الكبرى أنني وجدت أن قرارا بفصلي من المعهد قد صدر، وصدر في أحرج وقت؛ لأنه لم يبق على امتحاني سوى شهر واحد، وذلك تحت زعم أنني حاولت إثارة شغب وبلبلة بين صفوف الطلاب بإقامة هذا المعرض. بالله عليكم هل نحن عرب أم ماذا، وهل يرضيك ما حدث؟
محمد حامد الحمامي
أمين اللجنة الثقافية بالمعهد الفني للفنادق ببورسعيد
ما كدت أعثر على هذا الخطاب بين أكوام رسائل القراء حتى اكتفيت به وبلغ بي الغيظ حد الكف عن قراءة بقية الرسائل، وأعود إلى منزلي في حالة ثورة عارمة.
فخلال الأعوام القليلة الماضية، تلك التي استشرى فيها التطرف بين الجماعات الدينية واليسارية، والتي أخذنا فيها نحن الكتاب وأولي الرأي في هذا البلد على عاتقنا مهمة أن نفهم الشباب أنه لا العنف ولا الإرهاب ولا الالتحام بقوات الشرطة والخروج في مظاهرات تتعدى الحرم الجامعي حيث يختلط الحابل بالنابل وتسود الفوضى، كان أقصى ما نطمح إليه أن يتعلم الشباب الجامعي الوسائل الشرعية للتعبير عن الرأي، مثل عقد المؤتمرات داخل مدرجات الكلية، وتحرير برقيات ورسائل الاحتجاج إلى المسئولين أو غير المسئولين قائلين فيها رأيهم بصراحة ووضوح.
سنوات وسنوات ونحن نفعل هذا، وحين كتبت منذ بضعة أسابيع أطالب الرأي العام المصري بأن يظهر احتجاجه على مذابح إطلاق الرصاص وتكسير الأيدي والضرب، تلك التي يستعملها الجيش الإسرائيلي بأوامر من شامير وحكومة الليكود، حين فعلت هذا كنت أحاول أن أناشد الشباب والمؤسسات الشعبية والنقابية أن تظهر احتجاجها بالطريقة الشرعية التي تطالبنا دائما بها الحكومة والمسئولون السياسيون؛ ولهذا فإذا كان هذا التعبير بالطريقة الشرعية جريمة فلا بد أنني أنا - وليس أحد غيري - هو المتهم الأول والمحرض فيها، وقد يقول البعض إن ما جاء بالخطاب غير صحيح، ولكني أستبعد هذا الاحتمال؛ إذ قد أرسله الطالب باسمه وعنوانه، ويعني هذا أنه مسئول تماما عن خطابه وأقواله، ولهذا فأن يتفضل عميد معهد الفنادق بإبلاغ مباحث أمن الدولة ضد هذا الطالب الذي ذهب يأخذ منه الإذن بتعليق الصور بعدما وافق على مشروعه رائد الاتحاد ومسئول رعاية الشباب، ولم يعترض العميد وإنما طلب استمهاله يوما واحدا، ذلك اليوم الذي أسرع فيه إلى إبلاغ مباحث أمن الدولة عن الجريمة البشعة التي يعتزم الطالب القيام بها، نفس الجريمة التي يرتكبها تليفزيوننا كل يوم، وفي كل نشرة أخبار وترتكبها صحافتنا وارتكبتها أنا ككاتب وغيري من عشرات الكتاب، أما أن يحدث هذا فإن الأمر يشكل جريمة كبرى في حق الشعب المصري، بل أقولها علانية في حق الحكومة المصرية والرئيس محمد حسني مبارك.
فأولا:
অজানা পৃষ্ঠা