মাদিনা ফাদিলা ক্যাব্র তারিখ
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
জনগুলি
تعد أطلنطا الجديدة بمنزلة توضيح لعبارة بيكون الشهيرة «المعرفة قوة»، ولكنه إذا كان قد نجح في إثبات أن العلم يستطيع أن يمكن البشر من السيطرة على الطبيعة، فقد افترض أكثر مما أثبت أن العلم - بتلبيته لحاجات الإنسان - يمكن أن يزيد من سعادته بشكل آلي. والواقع أن هيمان بيكون بالعلم سلاحا لتحسين أحوال البشر يستبق التصور الحديث عن التقدم، وهو تصور مادي أكثر منه تصورا مثاليا، ويفترض أن السعادة تتوقف على إشباع الحاجات المادية المتزايدة. وقد رأى أفلاطون والكتاب اليوتوبيون من بعده، على العكس من ذلك، أن تضاعف حاجات الإنسان يمثل عقبة في طريق حريته وسعادته.
كتبت «أطلنطا الجديدة» حوالي عام 1624م، ونشرت بعد وفاة بيكون عام 1627م. وقد وضعها في أول الأمر باللغة الإنجليزية، ثم قام بترجمتها بعد ذلك إلى اللغة اللاتينية. وقد ظهر النص الإنجليزي في المجلد الذي ضم كتابه «غاية الغايات» أي في المكان الذي حدده له بيكون بنفسه، إذ كان هدفه من وصف بيت سليمان هو شرح النتائج العملية التي تنبأ بأنها سوف تترتب على دراسة التاريخ الطبيعي.
والدين الذي تدين به أطلنطا الجديدة للتصورات السابقة عن المجتمعات المثالية ليس كبيرا، على الرغم من أن أصل هذه الخرافة مستوحى من أسطورة قارة أطلنطا التي جاء ذكرها في محاورة طيماوس لأفلاطون، وفي محاورته الناقصة كريتياس. وليس هناك دليل حاسم على أن بيكون قد اطلع على مدينة الشمس، ولكنه يشير إلى كامبانيلا في أحد خطاباته، كما أن هناك العديد من أوجه التشابه في التفاصيل بين الكتابين. ومن المحتمل أيضا أن يكون بيكون قد قرأ مدينة المسيحيين لأندريا، وإن كانت أطلنطا الجديدة تختلف اختلافات مهمة في كل تنظيماتها الرئيسية عن اليوتوبيات السابقة. فلم تلغ فيها الملكية الخاصة والنقود والفروق الطبقية، وبالرغم من جو الصرامة الذي يسود معظم اليوتوبيات التي ذكرناها حتى الآن، فلم يتعب بيكون أبدا من وصف الملابس الفاخرة، والخوذات، والأحذية، والمعاطف، والجواهر النفيسة والأرائك الفخمة، بجانب عدد وفير من التفاصيل المملة بقدر ما هي سطحية.
ويكتفي بيكون بتقديم لمحات قليلة عن التنظيمات الاجتماعية والسياسية لبنسالم، وهو الاسم الذي يطلقه على هذا البلد المثالي. ولاحظ الأستاذ ألفرد ب. جوف
Alfred B. Gough
أن روح الحركة أو التقدم الذي يغلب على الحياة العقلية للأمة، بدا غائبا بشكل كلي عن حياتها السياسية والأخلاقية، فشكل الحكومة ملكي، وقد استمرت على هذه الحال لمدة ثلاثة آلاف عام على الأقل، والقوانين الأساسية للمملكة التي أقامها الملك سليمان قبل ألف وتسعمائة عام ما زالت سائدة.
ويقوم المجتمع على أساس العائلة الأبوية، وعلى الرغم من أنه لا يخبرنا كيف يقضي أفرادها حياتهم اليومية، فإن هناك فقرة طويلة تصف أدق التفاصيل عن الاحتفال الفخم الذي تقيمه الدولة على نفقتها، تكريما للرجال الذين وصل عدد الأطفال الذين أنجبوهم وتعدوا الثالثة من عمرهم إلى ثلاثين طفلا (تكافئ الحكومات الحديثة بصفة عامة الأم التي لها عائلة كبيرة أكثر مما تكافئ الأب)، ويحترم الزواج احتراما شديدا ولا يمكن فك روابطه، وعلى الرغم من سخرية بيكون من اقتراح مور بأن يرى الرجال والنساء بعضهم البعض قبل الزواج وهم عراة من الملابس، فإنه يسمح بتنظيم اختبار لهم عن طريق الوكلاء.
وهذه فقرة يشرح فيها أحد سكان بنسالم للرحالة موقفهم من الجنس وعاداتهم المرتبطة بالزواج: «سوف تدرك أنه لا توجد تحت قبة السماء أمة تداني أمة بنسالم في الطهر أو في الخلو من التلوث والعفونة. إنها عذراء العالم، وأذكر أنني قرأت في أحد كتبكم الأوروبية عن ناسك مقدس اشتاقت نفسه أن ترى روح الفسوق، وهناك ظهر له حبشي صغير قبيح وكريه، ولو طلب أن يرى روح الطهر في بنسالم، لظهرت له في صورة ملاك وسيم جميل، إذ ليس بين البشر الفانين عقول تفوق في جمالها وروعتها عقول هذا الشعب العفيف. فلتعلم إذن أنه لا توجد عندهم بيوت دعارة ولا فسق، لا مومسات ولا أي شيء من هذا القبيل. بل إنهم ليشمئزون منكم أيها الأوروبيون لأنكم تسمحون بمثل هذه الأمور. وهم يقولون إنكم في أوروبا قد أبطلتم الزواج، لأنه يوصف علاجا للمعاشرة الجنسية غير الشرعية، والمعاشرة الطبيعية هي فيما يبدو الحافز على الزواج. ولكن عندما يتوافر لناس علاج أكثر ملاءمة لإرادتهم الفاسدة، فإن الزواج في هذه الحالة يكاد أن يكون مستبعدا. ولذلك فلديكم عدد لا يحصى من الرجال الذين لا يتزوجون، بل يفضلون حياة العزوبة الماجنة غير الطاهرة على الخضوع لنير الزواج، والذين يقدمون على الزواج يفعلون ذلك في سن متأخرة بعد أن تكون سنوات شبابهم وقوتهم قد ولت. وعندما يتزوجون بالفعل لا يكون الزواج في نظرهم إلا صفقة تعقد، حيث يبحثون عن شراكة، أو نصيب معلوم، أو شهرة، أو أي مطمع من هذا القبيل، لا عن الزواج المخلص بين الرجل والمرأة كما شرع في الأصل. ولا ينتظر أيضا ممن بددوا معظم قواهم بهذا الشكل الحقير أن يقدروا قيمة الأطفال (وهم من جنس آبائهم) كما يفعل الرجال الطاهرون. وربما يرجى أن تتعدل الأحوال أثناء الزواج لو أمكن التغاضي عن هذه الأمور بحكم الضرورة فقط، ولكنها تبقى على ما هي عليه كتحد سافر للزواج. ومما يزيد الأمور سوءا أن الرجال المتزوجين الذين يترددون على الأماكن المشبوهة أو على بيوت البغايا لا تفرض عليهم عقوبة أشد من العزاب. أضف إلى ذلك أن عادة التغيير الفاسدة، والتلذذ بالقبلات الخادعة (حيث تتحول الخطيئة إلى فن) تجعل الزواج شيئا سخيفا، ونوعا من العبء الثقيل أو الضريبة الباهظة. وهم يسمعونكم تدافعون عن مثل هذه الأشياء، بحجة أنها تحميكم من شرور أكبر، كالزنا، وفض بكارة العذارى، والشذوذ الجنسي وما شابه ذلك. ولكنهم يردون عليكم بأن هذه حكمة منافية للطبيعة والعقل، ويصفونها بأنها هدية لوط، الذي عرض بناته على ضيوفه لكي يصرفهم عن الفساد، وهم يضيفون إلى ذلك أن العائد من هذه الأفعال غير مجز؛ لأن نفس الرذائل والشهوات باقية وستزيد على ما كانت، لأن الشهوة غير الشرعية مثل الفرن، إذا أوقفت اللهب تماما انطفأ، وإذا أعطيته أي منفذ تأججت ناره، أما عن الحب بين الذكور فإنهم لا يقربونه، ولن تجد في العالم صداقة وفية وصادقة كما تجد عندهم. وعموما (كما قلت سابقا) فإنني لم أقرأ عن مثل هذه الطهارة عند أي شعب آخر. إنهم يرددون قولهم المألوف بأن الإنسان المحروم من الطهر لا يستطيع أن يحترم نفسه، كما يقولون إن احترام الإنسان لنفسه، بجانب الدين، هو أهم لجام يكبح جماح كل الرذائل.
ولديهم كذلك العديد من قوانين الزواج الحكيمة والممتازة، فهم لا يسمحون بتعدد الزوجات، وتقضي تعليماتهم ألا يتزوج أحد أو يعقد قرانه حتى يمر شهر على تاريخ اللقاء الأول. والزواج دون موافقة الوالدين لا يعطيهم الحق في إبطاله، ولكنهم يسلبون من الورثة حق الميراث؛ لأن الأطفال الذين يكونون ثمرة هذه الزيجات لا يسمح لهم بأن يرثوا أكثر من ثلث ميراث الوالدين. وقد قرأت في كتاب لأحد كتابكم عن بعض الدول المزعومة التي يسمح فيها للزوجين، قبل عقد قرانهما، بأن يرى كل منهما الآخر وهو عاري الجسد. وأهل بنسالم يكرهون هذا التقليد، لأنهم يعتقدون أن المرأة أو الرجل إنما يجلب على نفسه الاحتقار إذا رفض إتمام الزواج بعد التعارف بهذه الطريقة، ولأن سبب الرفض غالبا ما يرجع إلى العيوب الكثيرة الخفية في أجساد الرجال والنساء، فلدى أهل بنسالم طريقة أكثر تمدنا (لمواجهة هذه المسألة)، فهناك بالقرب من كل مدينة بركتان (يطلق عليهما اسما آدم وحواء)، حيث يسمح لأحد أصدقاء الرجل، أو لإحدى صديقات المرأة، بأن يروهما وهما يغتسلان عاريين.»
ومن القوانين العديدة الحكيمة التي وضعها الملك سليمان لشعب بنسالم، نجد أن القوانين الوحيدة (التي اهتم بيكون بوصفها) تتعلق بمنع الاتصال بالبلاد الأجنبية، والمعاملة الحذرة للرحالة الذين يتفق وصولهم إلى بلدهم. والإنجاز الأكبر لهذا الملك، برغم ذلك، هو إقامة نظام أو جمعية، أطلق عليها اسم بيت سليمان. وقد كان يطلق عليها كذلك أحيانا اسم معهد أعمال الأيام الستة، «وأمثل المؤسسات على وجه الأرض»، و«مصباح هذه المملكة»، وخصصت «لدراسة أعمال الرب ومخلوقاته» ... لاكتشاف الطبيعة الحقيقية لكل الأشياء بما يضاعف من مجد الرب الذي أبدعها، ويزيد من الثمار التي يجنيها البشر من استخدامها.
অজানা পৃষ্ঠা