মাদিনা ফাদিলা ক্যাব্র তারিখ
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
জনগুলি
ويبدأ الكتاب الثاني بوصف الجزيرة ومدنها: «تمتد جزيرة يوتوبيا
17
عند منتصفها (حيث أعرض نقطة بها) مسافة مائتي ميل، ولا تضيق عن ذلك كثيرا في معظم أجزائها، ولكنها تضيق تدريجيا قرب طرفيها. ويكون هذان الطرفان دائرة يبلغ طول قطرها خمسمائة ميل، ويجعلان الجزيرة تبدو كالهلال، يفصل بين طرفيه مضيق عرضه أحد عشر ميلا. ثم يتسع المضيق فيكون بحرا عريضا. ولما كان اليابس الذي يحيط به من كل جانب يحجز الرياح، فإن الخليج يشبه بحيرة ضخمة، تميل إلى الهدوء أكثر مما تميل إلى الاضطراب، وهكذا يصبح الجزء الداخلي من البلاد كله تقريبا مرفأ يسمح للسفن بالمرور في جميع الجهات، مما يحقق فائدة كبرى للسكان. أما مدخل هذا الخليج فخطر غاية الخطورة لما ينتشر به من أجزاء ضحلة وصخور.
ومما يقال ويدل عليه مظهر الجزيرة، أنها لم تكن في وقت من الأوقات محاطة بالبحر. ولكن الملك يوتوبوس الفاتح الذي تحمل الجزيرة اسمه (بعد أن كانت تدعى أبراكسا حتى ذلك الوقت) والذي حول ذلك الشعب الفظ البدائي إلى هذه الدرجة من الحضارة والإنسانية التي تجعلهم الآن أرفع شأنا من جميع من عداهم من بني البشر تقريبا، أحرز النصر بمجرد نزوله إلى اليابس. ثم أمر بحفر مسافة خمسة عشر ميلا على الجانب الذي ترتبط عنده البلاد بالقارة وجعل البحر يجري حول البلاد.
وبالجزيرة أربع وخمسون مدينة كبيرة جميلة تتكلم جميعا بنفس اللغة، ولها نفس التقاليد والعادات، وتسودها ذات القوانين والنظم. وهي جميعا متشابهة أيضا في نظامها، ومتشابهة أيضا أينما وجدت وبقدر ما تسمح به طبيعة الأرض حتى في مظهرها. ولا تبعد مدينة عن الأخرى أكثر من أربعة وعشرين ميلا، ولا يفصل إحداها عن الأخرى أيضا أكثر من مسيرة يوم واحد.»
18
إن المدن تتشابه تشابها مملا، والعاصمة أموروت نسخة محسنة من مدينة لندن. ويدل الوصف التالي على الاهتمام الشديد بإصلاح أحوال المدن: «أما المدن فمن يعرف واحدة منها يعرفها جميعا، فكلها متشابهة بقدر ما تسمح به طبيعة المكان. ولذا سأصف لكم واحدة فقط (ولا يهم كثيرا أيها)، ولكن هل يوجد أجدر بذلك من أموروت؟ أولا لأنه ما من مدينة أخرى أكثر جدارة منها، ولأن المدن الأخرى تعترف لها بالرئاسة لأنها مقر اجتماع المجلس القومي أو دار الشورى، وثانيا لأني أعرفها أكثر من غيرها من المدن، لأنها المدينة التي عشت فيها خمس سنوات كاملة.
وتقع أموروت على سفح جبل قليل الانحدار، وهي مربعة الشكل تقريبا. ويبلغ عرضها حوالي ميلين ابتداء من نقطة أسفل قمة الجبل بقليل ثم على امتداد نهر الأنايدر، أما طولها بمحاذاة النهر فيزيد قليلا على عرضها ... ويصل المدينة بالجانب الآخر للنهر جسر أقيم لا من الأعمدة أو الكتل الخشبية بل من الأحجار، وله أقواس فخمة، ويقع في أبعد جزء من المدينة عن البحر، حتى تمر السفن بمحاذاة كل هذا الجزء من المدينة دون عائق. وهناك أيضا نهر آخر، ليس كبيرا جدا، ولكنه هادئ لطيف، وينبع من نفس الجبل الذي بنيت عليه المدينة وينحدر إلى وسطها حيث يصب في نهر أنايدر. وقد أحيط منبع هذا النهر ورأسه، الذي يقع على مسافة قريبة خارج المدينة بأسوار متينة، خشية أن يقوم الأعداء في حالة هجوم معاد، بقطعه أو تحويل مياهه أو تسميمها. ومن هذه النقطة توزع المياه عن طريق قنوات مصنوعة من الآجر إلى الأجزاء المختلفة من الجزء الأسفل من المدينة. وحيث لا تسمح طبيعة الأرض بذلك، تجمع مياه الأمطار في خزانات كبيرة وتؤدي نفس الغرض.
ويحيط بالمدينة سور عال عريض أقيمت عليه القلاع والأبراج على مسافات متقاربة، ويحيط بثلاثة جوانب من السور خندق جاف عميق عريض زرعت به الشجيرات الشوكية لتعيق المرور، أما على الجانب الرابع فيقوم النهر ذاته مقام الخندق. والطرق مهيأة جيدا للمرور وللوقاية من الرياح على حد سواء. أما المباني فأبعد ما تكون عن الضآلة والتواضع ومقامة بعضها بجانب بعض في صف طويل، يستمر طوال الشارع ويقابله صف آخر على الجانب المواجه. ويفصل بين واجهات المنزل المتقابلة شارع عرضه عشرون قدما. وخلف المنازل، وعلى طوال الشارع، حديقة فسيحة تحيط بالجوانب الخلفية للمباني من جميع الجهات. ولكل منزل بابان. يؤدي أحدهما إلى الطريق، والآخر إلى الحديقة. وبالإضافة إلى ذلك، فهذه الأبواب، التي تفتح وتقفل تلقائيا بمجرد أن تلمسها اليد، تسمح لأي شخص بالدخول. ونتيجة لذلك لا يوجد ما يعد ملكا خاصا في أي مكان. وبالفعل، يتبادل اليوتوبيون بيوتهم كل عشر سنوات عن طريق القرعة.
ويهتم اليوتوبيون اهتماما خاصا بالحدائق، فيزرعون فيها الكروم والفواكه، والأعشاب، والزهور، ويعنون بها فتزدهر، بحيث لم أر أبدا شيئا، أكثر إثمارا أو تنسيقا منها في أي مكان آخر. ويزداد حماسهم لرعايتها، ليس نتيجة لما يجدون في ذلك من متعة فقط، ولكن أيضا نتيجة للتنافس بين مجموعات منازل الشوارع المختلفة حول أجمل حديقة وأكثرها تنسيقا. وحقا لن تجد بسهولة في المدينة كلها شيئا أكثر نفعا أو مدعاة لسرور المواطنين. وهكذا يبدو أن مؤسس المدينة لم يهتم بشيء مثل اهتمامه بهذه الحدائق. فمما يقال إن الملك يوتوبوس ذاته قد وضع تصميم المدينة كلها في بادئ الأمر. ولكنه ترك للأجيال التالية أمر تزيينها وإتمام غير ذلك من التحسينات التي رأى أن حياة شخص واحد لا يمكن أن تكفي لها.»
অজানা পৃষ্ঠা