মাদিনা ফাদিলা ক্যাব্র তারিখ
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
জনগুলি
ويشرح أحد العمال كيف ينجز هذا «الجيش الصغير» العمل: «إننا نصل في السادسة إلا ربعا صباحا، ونغير ملابسنا ونرتدي ملابس العمل. ونبدأ العمل في السادسة تماما مع رنين الجرس. وفي التاسعة ننزل إلى قاعة الطعام ونتناول وجبتنا في صمت، بينما يقرأ واحد منا جريدة الصباح بصوت مرتفع. وبعد انتهاء العمل في الواحدة وترتيب وتنظيف كل شيء، نهبط لغرفة الملابس حيث نجد كل ما نحتاج إليه للاغتسال، ثم نرتدي ملابس الخروج للذهاب مع عائلاتنا لتناول الوجبة الرئيسية وقضاء بقية اليوم كما يروق لنا.
وقد تعودنا في أثناء العمل أن نراعي الصمت الشديد لمدة ساعتين، وخلال الساعتين التاليتين نتحدث مع جيراننا، ونغني بقية الوقت لأنفسنا أو لمن يستمعون إلينا، وغالبا ما نغني معا.»
ربما بدت ورشة العمل النموذجية التي تصورها كابيه يوتوبية حقا، وذلك بالقياس إلى الظروف السائدة في مصانع القرن التاسع عشر، ولكن النظام العسكري، وتصنيع جزء محدد من الآلة مدى الحياة، يمكن أن يكون عملا قهريا شأنه شأن الظروف غير الصحية.
وبرغم أنه لا يوجد غني ولا فقير في إيكاريا، ولا سياسيون وعسكريون محترفون، ولا شرطة ولا سجون، فإننا نشعر بعدم ارتياح غريب عندما نكتشف أنها تشترك مع النظم الشمولية للقرن العشرين في ملامح عديدة، فالعمارة الضخمة التي تذكرنا بإيطاليا على عهد موسوليني، والولع الشديد بالأزياء الموحدة والنظام الحديدي، وعبادة الديكتاتور الميت إيكار الذي تعلق صورته البارزة في جميع الميادين العامة، ويردد اسمه بصفة دائمة في الأغاني والخطب، كل هذه أمور تستثير الذكريات المؤلمة. ولن يدهشنا أن نسمع أن الكتب أحرقت في إيكاريا مع بداية تأسيس النظام، وأن الرقابة الصارمة تتحكم في إنتاج كل الأعمال الفنية. ونبحث عبثا عن مكان واحد يسمح فيه لفردية الإنسان بأن تعبر عن نفسها. وإصرار كابيه على تأكيد أن «السيادة للإرادة الشعبية» يثير الشك في نفوسنا، إذ لا يقول لنا كيف يمكن للأمة في مجموعها أن تتفق على كل التفاصيل الدقيقة للحياة. أضف إلى هذا أن الحكمة الشاملة «لخبرائه» يتعذر قبولها أكثر من كل ما ذكرناه، إذ يتساءل المرء في عجب عن تلك المبادئ التي يصممون وفقا لها الزي الموحد للأرملة الإيكارية التي تتزوج للمرة الثانية بعد وفاة زوجها.
إن الولع الشديد بالنمط الموحد في كل شيء، والمركزية وهيمنة الدولة، أمور موجودة في معظم اليوتوبيات، ولكنها في «رحلة إلى إيكاريا» تصل إلى حد التطرف الشديد الذي يجعلها شبيهة، من نواح عديدة، باليوتوبيات النقدية الساخرة في هذا القرن الذي نعيش فيه. (2) لورد ليتون (1803-1873م): «الجنس القادم»
على خلاف معظم يوتوبيات القرن التاسع عشر، لم تحاول «الجنس القادم» للورد ليتون
8
أن تقدم خطة عينية مفصلة للإصلاح الاجتماعي يمكن أن تقبل التحقق بشكل واقعي. فهي رواية خيالية عن «شكل الأشياء القادمة في عهد آت»، وتكمن أهميتها في الرؤية الجريئة والمثيرة للرعب التي تصورها. وقبل مائة عام خلت، أي عندما نشرت هذه الرواية، بدا من أغرب الغرائب أن يتخيل أحد جنسا من البشر زود كل واحد منهم «بعصا فريل»، وهي نوع من القنبلة النووية القادرة على تدمير شعوب بأكملها في بضع ثوان، ولكننا نجد اليوم العلماء والفلاسفة والصحفيين ومعهم رجل الشعوب يتناقشون بشكل جدي حول المشاكل التي أوجدها هذا الاكتشاف.
ومن المصادفات التي تبعث على السخرية أن يعهد اللورد ليتون لأحد الأمريكيين بمهمة تحذير العالم من وجود أمة قوية تعيش في أحشاء الأرض، قادرة بفضل قنابلها النووية على أن تهزم الشعب الأمريكي متى شاءت، ولعله قد أراد أن يؤكد في الأذهان ما يمكن أن يوصف بأنه درس في التواضع عندما وصف أفراد هذا «الجنس القادم» بأنهم يشبهون الهنود الحمر من وجوه عديدة، وأنهم ليسوا فقط «أقوى في بنيتهم وأضخم في حجمهم» من البشر الذين يعيشون فوق سطح الأرض، وإنما يملكون كذلك أجنحة تمكنهم من الطيران من النوافذ والرقص في الهواء ...
ويبعث أول احتكاك بهذا الجنس المتفوق من البشر في نفس الرحالة الأمريكي حالة من الدهشة المحمومة، تدفعه للهجوم على مضيفيه المجنحين، مما يحملهم على تنويمه تنويما مغناطيسيا وإبقائه على هذه الحالة لعدة أسابيع. وعندما يسمح له بالاستيقاظ يجد أن مضيفيه، بفضل قوتهم الخارقة، قد تعلموا لغته وعلموه لغتهم، ثم يتبادلون المعلومات عن العالم الذي يقع فوق سطح الأرض والعالم الواقع تحت سطحها. ويبدي سكان هذا العالم الأخير للجنس الذي ينتمي له جليفر، كما يمنعونه من الكلام عن عالم ما فوق سطح الأرض خشية أن يفسدهم ...
অজানা পৃষ্ঠা