মাদিনা ফাদিলা ক্যাব্র তারিখ
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
জনগুলি
L’isle Inconnue
تنتمي لهذا النوع من الروايات. فقد قدم المؤلف في هذا العمل، كما يؤكد الناشر، «نموذج الحب البريء، ونموذج الحب الزوجي، ونموذج الحكومة الصالحة، ونموذج التربية الكاملة، ونموذج الأخلاق الحميدة، ونموذج التجمع الزراعي، ونموذج المجتمع المهذب».
وإذا كان العديد من يوتوبيات القرن الثامن عشر قد ازدحم «بالمتوحشين النبلاء» الذين وصفهم وصفا أسطوريا خالصا، كل من جان جاك روسو (1712-1778م) وبرناردان دوسان بيير
Bernardin De St. Pierre
4 (1737-1814م)، فإن عددا آخر من اليوتوبيات قد حاول اكتشاف المتوحشين الحقيقيين في بلدان لم تمسسها الحضارة ... وإذا كان اليوتوبيون في خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر قد جعلوا من قارتي أمريكا وأستراليا - اللتين عرفتا آنذاك معرفة غامضة - مجرد إطار وضعت فيه لندن أو باريس، فقد بدأت بلاد هاتين القارتين تتخذ في القرن الثامن عشر حياة قائمة بذاتها، وتجسدت عادات الشعوب التي اكتشفها الرحالة والمبشرون في الإطار اليوتوبي. أضف إلى هذا أن اليوتوبيات التي حاولت أن تصور مجتمعا تحكمه المساواة الكاملة، قد أصبح الكثير منها الآن يهتم ببناء مجتمع حر. فسكان تاهيتي الذين صورهم ديدرو، على سبيل المثال، لا يعرفون حكومة ولا قوانين. ولقد حققت اليوتوبيات السابقة الاكتفاء في المأكل والملبس، وزودت بمنازل مريحة وتعليم جيد، ولكنها تطلبت في المقابل أن يخضع الفرد خضوعا كاملا للدولة وقوانينها، أما الآن فقد راحت اليوتوبيا تبحث قبل كل شيء عن التحرر من القوانين والحكومات.
سعى القرن الثامن عشر إلى تحقيق قدر أكبر من الحرية، وبخاصة فيما يتعلق بالعلاقات الجنسية. وقد اهتم اليوتوبيون دائما منذ عهد أفلاطون بالمسائل الجنسية، ولكن اهتمامهم كان محصورا في تحسين النسل أو في النظر إليه نظرة أخلاقية، ولذلك وضعوا قوانين مشددة تخضع الزيجات لمصالح الدولة أو الدين. وقد اهتم كذلك الفلاسفة الفرنسيون في القرن الثامن عشر اهتماما قويا بالمسائل المتعلقة بالجنس، ولكنهم كانوا بعيدين كل البعد عن النظر إليه بوصفه وسيلة للتناسل، لقد كان بالنسبة لهم شيئا يمكن الاستمتاع به لذاته وسخطوا سخطا شديدا على القيود التي فرضتها عليهم الأخلاق الدينية. وكما حاولوا التحرر من كل إلزام ديني، فقد أرادوا كذلك تدمير كل القواعد الأخلاقية المنظمة للعلاقة الجنسية. وعبر هذا التمرد عن نفسه إلى حد ما في القصائد والروايات «الشبقية» التي لم يجد أكثرهم في كتابتها شيئا ينقص من قدرهم.
وسوف نرى عند الحديث عن ديدرو (1713-1784م) أن الإنسان البدائي في رأيه كان متحررا من القوانين الدينية والأخلاقية، وأنه عاش حياة سعيدة لم تعرف الترف، ولا الملكية، ولا التقيد بزوجة واحدة. وربما لا يوجد كاتب في القرن الثامن عشر يفوق الماركيز دي صاد
De Sade (1740-1814م) في تعبيره الواضح، عن استحالة التوفيق بين الدين والقواعد الأخلاقية وبين الحرية. فقد قدم في كتابه «فلسفة في المخدع» المبادئ التي ينبغي أن توجه المواطنين في دولة حرة. وبينما حاول العديد من اليوتوبيات التوفيق بين الأفكار المتعلقة بالمساواة وبين الإيمان المسيحي، آمن «صاد» بأنه لا يمكن أن تقوم للمساواة قائمة ما لم يتخلص الشعب من نير الدين، وناشد الفرنسيين تحرير أنفسهم بأنفسهم: «آه! إن الفأس في أيديكم، فوجهوا الضربة النهائية لشجرة الخرافة، لا تقنعوا ببتر الفروع، بل استأصلوا العشب الذي استفحلت أضراره المعدية، كونوا عل وعي مطلق بأن نظام الحرية والمساواة (الذي تسعون لتحقيقه) يتناقض تناقضا صريحا مع المهيمنين على مذابح الكنيسة، فليس فيهم فرد واحد يؤمن به (أي بنظام الحرية والمساواة) إيمانا صادقا، ولا فرد واحد لا يتورع عن إسقاطه لو تمكن من السيطرة على ضمير الشعب ... بادروا إذن بالقضاء قضاء أبديا على ما يمكن أن يدمر جهدكم ... وما دامت ثمرة جهودكم ستحفظ لذريتكم وحدها، فتأكدوا أن واجبكم وضمان بقائكم يفرضان عليكم ألا تتركوهم يسممونهما بتلك الجراثيم الخطيرة، التي يمكن أن تهوي بهما في ظلمات الفوضى التي نجونا منها بشق الأنفس.
إن تحيزاتنا السابقة قد بدأت تتلاشى، وأدعياء الإيمان الذين هجروا المأدبة الرسولية، يتركون الخبز المقدس لتأكله الفئران. أيها الفرنسيون، لا تتوقفوا عند هذا الحد، فأوروبا بأكملها تنتظر منكم أن تمزقوا العصابة المربوطة على عينيها، أسرعوا، لا تسمحوا لروما المقدسة - التي تبذل محاولاتها المحمومة لتعويق جهودكم - باستبقاء القلة التي دخلت في عقيدتها. اضربوا بلا رحمة رأسها المتغطرس المترنح، ولن يمر شهران حتى تلقي شجرة الحرية بظلالها على حطام كرسي القديس بطرس، وتغطي أغصانها المنتصرة كل هذه الأوثان المسيحية البائسة، التي أقيمت بوقاحة فوق رماد رجال من أمثال كاتو وبروتوس.»
لقد كتب هذا النداء الموجه للفرنسيين في عام 1795م بعد انهيار نظام الحكم القديم، ولكن الأفكار التي اعتمد عليها ذلك النظام ظلت قائمة. ورأى «صاد» بوضوح أنه لا يكفي أن يتغير شكل الحكومة لتحقيق الحرية، وإنما يجب التخلي أيضا عن تلك الأفكار القديمة: «أيها الفرنسيون، إنكم ستوجهون الضربات الأولى، وسوف يتكفل تعليمكم القومي بالباقي، ولكن عليكم أن تؤدوا هذه المهمة على الفور؛ دعوها تصبح أحد اهتماماتكم الرئيسية، وأقيموها قبل كل شيء على الأخلاق الأساسية التي أهملها التعليم الديني ...»
অজানা পৃষ্ঠা