[وصية الإمام بالقرآن]
فعلى كتاب ربكم هداكم الله فاقتصروا، وبه فهو ذو العبرة فاعتبروا، ففيه نوافع العلم، وجوامع الكلم، التي يستدل بقليلها على كثير من ملتبس قال وقيل، ويستشفى من علمها بتفسير أدنى ما فيها من دليل.
فسبيل قصده فاسلكوا، وبه ما بقيتم فتمسكوا، فهو ذروة الذرى، وبصر من لا يرى، وعروة الله الوثقى، وروح من أرواح الهدى، سماوي أحله الله برحمته أرضه، وأحكم به في العباد فرضه، فلا يوصل إلى الخيرات أبدا إلا به، ولا تكشف الظلمات إلا بثواقب شهبه، من صحبه صحب سماويا لا يجهل، وهاديا إلى كل خير لا يضل، ومؤنسا لقرنائه لا يمل، وسليما لمن صحبه لا يغل، ونصيحا لمن ناصحه لا يغش، وأنيسا لمن آنسه لا يوحش، وحبيبا لمن حآبه لا يبغض، ومقبلا على من أقبل عليه لا يعرض، يأمر بالبر والتقوى، وينهى عن المنكر والأسواء، لا يكذب أبدا حديثا، ولا يخذل من أوليائه مستغيثا، إن وعد وعدا أنجزه، أو تعزز به أحد أعزه، لا تهن لأوليائه معه حجة، ولا تبلى له ما بقي أبدا بهجه، ولا يخلقه كر ولا ترداد، ولا يلم به وهن ولا فساد، ولا يعي به وإن لكن لسان، ولا يشبه فرقانه فرقان، ومن قبل ما صحب الروح الأمين، والملائكة المقربين، فكان لهم هاديا ومبينا، وازدادوا به من الله يقينا.
فاتخذوه هاديا ودليلا، واجعلوا سبيله لكم إلى الله سبيلا، حافظوا عليه ولا ترفضوه، واتخذوه حبيبا ولا تبغضوه، فإنه لا يحب أبدا له مبغضا، ولا يقبل على من كان عنه معرضا، ولا يهدى إليه من عاداه، ومن تعامى عنه أعماه، ولا يبصر ضياءه إلا من تأمله، ولا يعطي هداه إلا أهله، من ضل عنه أضله، يقلد جهله من جهله، إن أدبر عنه أدبر، أو أقبل عليه بصر .
পৃষ্ঠা ২৮