[القرآن الحكم الفصل]
وفيما جعل الله في كتابه من الحكم والفرقان والفصل، ما يقول الله تبارك وتعالى:{إنه لقول فصل وما هو بالهزل} [الطارق: 12 13]. والفصل فهو الحكم الجد الرشيد، والهزل فهو اللعب والكذب والتفنيد، وفي ذلك ومثله، وما نزل الله فيه من فصله، ما يقول سبحانه: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} [الفرقان: 1].
والفرقان فهو: التفصيل من الله فيه لرشده. فمن لم يرشد بكتاب الله فلا رشد، ومن ابتعد عن كتاب الله فبعد، كما بعدت عاد وثمود، ومن لم يهتد في أمره بكتاب الله وتنزيله، لم يهتد بغيره للحق أبدا ولا لسبيله، بل لن يبصر ولن يرى، للحق عينا ولا أثرا، ولا يزال - ما لم يراجعه - متحيرا ضالا، ومعتقدا - ما بقي كذلك - حيرة وضلالا، يعد نفعا له ما يضره، وثقة عنده أبدا من يغره، مرحا لهلكته فرحا، يرى غشه له برا ونصحا، يخبط بنفسه كل ظلمة وعشواء، متبعا في دينه وأمره كله لما يهوى، إن قال مبتديا عسف، أو حكى عن غيره حرف، افتراءا وبهتانا، وقسوة ونسيانا، أثرة منه للباطل على الحق، ونقضا لما عقد عليه من العهد والموثق، كما قال الله سبحانه: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به، ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح، إن الله يحب المحسنين} [المائدة: 13].
পৃষ্ঠা ৬