وقد ظن من ليس ببر ولا تقي، من كل ضليل تائه شقي، بجهله وضلاله واحتياره، وقلة علمه بكتاب الله وأسراره، وعندما اقتصر عليه من نظره، ونقص فكره وتحيره، ولتركه علم ما خفي عليه من آياته، عند من جعله الله معدنا لعلم خفياته، ممن انتجب واصطفى، وجعل له المنزلة - عنده - الزلفى، أن في كتاب الله تناقضا واختلافا، وأنه إنما اعتسف القول فيه اعتسافا، فقاده جهله بالكتاب، إلى جهل رب الأرباب، لأن من جهل صنع الله للكتاب في آية واحدة من آياته، كمن جهل صنع الله في أرضه وسماواته، لا فرق بين ذلك في حكمة ولا حكم، وواحدذلك كله في الخطيئة والجرم، فمن جهل أن كل ما سمع من آية الكتاب فوحي الله وتنزيله، وأن كل آية منه فلا يحتملها ولا يحكمها إلا حكمة الله وتفصيله، فهو بكتاب الله من الجاهلين، وعن حكمة الله فيه من الضالين، بل هو بالله في جهله ذلك إن جهله من الكافرين، ولأكثر نعم الله عليه فمن غير الشاكرين، والحمد لله فيه لا شريك له رب العالمين، ونعوذ بالله في كتابه من عماية العمين ، ونسأله أن يجعلنا لهداه فيه من المتبعين، وبما نزل فيه من حكمته ورحمته من المنتفعين.
وفيما أمر به من اتباعه، في الإنصات له واستماعه، ما يقول الله سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وعلى أهله: {اتبع ما يوحى إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين} [الأنعام: 106].
وفي ذلك أيضا ما يقول لرسوله، صلى الله عليه وعلى أهله، : {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون} [الجاثية:18].
وفي الإنصات والاستماع ما يقول سبحانه: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} [الأعراف: 204].
পৃষ্ঠা ৩