فهل بعد هذه الآية وبيانها لملحد - أنصف نفسه - في كتاب الله من حيرة في شك أو إلحاد ؟! لو لم يسمع فيه غيرها، إذا هو فهم تفسيرها، فكيف بما ثنى الله في الحجة لذلك من المثاني، وكرر على ذلك من شواهد البرهان، التي فيها من الحجة والتبيين والإتقان، ما هو أحق من كل رؤية وعيان، فليسمع سامع لتقرير الله سبحانه لعباده، على الشهادة له بتنزيله لكتابه، إذ يقول سبحانه فيهم لمن أنكر أنه تنزيل من رب العالمين: {قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} [هود: 13]. فأمرهم تبارك وتعالى في ذلك بالحشد لأوليائهم، ولكل من قدروا عليه في ذلك من أعدائهم، ممن أنكر من القرآن ما أنكروا، وكفر بالله كما كفروا، فلم يستجب له في ذلك مجيب، أحمق منهم ولا لبيب، وانحسروا عن الجواب له قاصرين، وغلبوا بمن الله صاغرين، ولو وجدوا على ذلك قوة، لأجابوا فيه - مسرعين - الدعوة، ولو كان ما جاء به بشريا، لكان بعضهم عليه قويا، لتشابه البشر، في القول والنظر، والهيئات والصور.
ولعلم الله بعجزهم عن أن يأتوا بسورة واحدة من سوره، أو بشيء مما جعله فيه من هداه ونوره، ما يقول أرحم الراحمين، لرسوله وللمؤمنين: {فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون} [هود: 14]، فهل بعد هذا من تقرير أو برهان أو تبصير لقوم يعقلون ؟!
ومن ذلك ومثله، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وعلى أهله: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الإسراء: 88]، فكفى بهذا ومثله وبأقل أضعاف منه والحمد لله تعريفا وتقريرا.
পৃষ্ঠা ২২