عند منازل الأحباب
كان أبو نواس يكره الشعر في بكاء الرسوم والأطلال، وأدباء هذا العصر يعدون هذه النزعة توديعا للقديم، وترحيبا بالجديد، وهذا حق إذا لوحظ أن الشعراء كانوا يبدءون قصائدهم ببكاء الديار، وإن لم يكونوا بنار الفراق من المحرقين! ولكن من العبث في تحليل العواطف أن نجهل ما يجده المحبون عند المرور بديار أحبابهم المبعدين، ومن الغبن للآداب العربية أن نغفل ما قيل في منازل الأحباب من الشعر الباكي الحزين! وها نحن أولاء نبسط القول عن هذه الوقفة الأليمة، وقفة المحب على ديار خلت غرفها من الظباء الغرائر، وعفت سررها من النساء الحرائر، بعد أن كان ساكنوها أمل الآمل، وأمنية المتمني! فمن ذلك قول بعض الأعراب وقد وقف (بالحزن) بفتح الحاء، وكان ملعب شبابه، ومنتدى هواه، وصورة أيامه الخوالي:
ومستنجد (بالحزن) دمعا كأنه
على الخد مما ليس يرقأ حائر
إذا ديمة منه استقلت تهللت
أوائل أخرى ما لهن أواخر
ملا مقلتيه الدمع حتى كأنه
لما انهل من عينيه في الماء ناظر
وينظر من بين الدموع بمقلة
دمى الشوق في إنسانها فهو ساهر
অজানা পৃষ্ঠা