فقال دعبل: ويحك! إني تأملت ما تقول فوجدت أكثر الناس لا ينتفع بهم إلا على الرهبة، ولا يبالي بالشاعر وإن كان مجيدا إذا لم يخف شره، ولمن يتقيك على عرضه أكثر ممن يرغب إليك في تشريفه، وعيوب الناس أكثر من محاسنهم، وليس كل من شرفته شرف، ولا كل من وصفته بالجود والمجد والشجاعة ولم يكن ذلك فيه انتفع بقولك، فإذا رآك قد أوجعت غيره وفضحته اتقاك على نفسه، وخاف من مثل ما جرى على الآخر، ويحك يا أبا خالد! إن الهجاء المقذع آخذ بضبع الشاعر من المديح المضرع.
2
وهو بهذا التصريح يفصح عن رأيه في الناس؛ فهم عنده لئام جبناء يتقون الشتم أكثر مما يرغبون في التشريف، وكان بالفعل لا ينفك ينظم قصائد الهجاء، وكان يسأل أحيانا عن موضوع أهاجيه فيجيب: ما استحقه أحد بعينه بعد، وليس له صاحب.
فإذا وجد على رجل جعل ذلك الشر فيه، وذكر اسمه،
3
فقصائد الهجاء عنده كأمثال الثياب عند تجار الملابس، تعد إعدادا، ثم تقدم حين تلوح الفرصة!
وكان يتفق له أن يسيء إلى أصدقائه من حيث لا يريد، فقد هجا أحمد بن أبي دواد، وكان تزوج امرأتين من بني عجل في سنة واحدة، فقال:
غصبت عجلا على فرجين في سنة
أفسدتهم ثم ما أصلحت من نسبك
ولو خطبت إلى طوق وأسرته
অজানা পৃষ্ঠা