عترته الكرام الطيبين، صلاة ترضيهم وتزيد على منتهى رضاهم، وتبلغهم غاية مرادهم ونهاية مناهم، وتكون لنا عدة وذخيرة يوم نلقى الله سبحانه ونلقاهم، وسلم تسليما.
وبعد (1): فان أولى ما أنفقت في تحصيله كنوز الأعمار، وأطالت التردد بين العين والأثر في معالمه الأفكار، هو العلم بالأحكام الشرعية والمسائل الفقهية، فلعمري إنه المطلب الذي يظفر بالنجاح طالبه، والمغنم الذي يبشر بالأرباح كاسبه، والعلم الذي يعرج بحامله إلى الذروة العليا، وينال (2) به السعادة في الدار الأخرى.
ولقد بذل علماؤنا السابقون وسلفنا (3) الصالحون، رضوان الله عليهم أجمعين، في تحقيق مباحثه جهدهم، وأكثروا في تنقيح مسائله كدهم. فكم فتحوا فيه مقفلا ببنان أفكارهم! وكم شرحوا منه مجملا ببيان آثارهم! وكم صنفوا فيه من كتاب يهدي في ظلم الجهالة إلى سنن الصواب! فمن مختصر كاف في تبليغ الغاية، ومبسوط شاف بتجاوزه النهاية، وإيضاح يحل من قواعده المشكل، و بيان يكشف (4) من سرائره المعضل، وتهذيب يوصل من لا يحضره الفقيه بمصباح الاستبصار إلى مدينة العلم، ويجلو بإنارة مسالكه عن الشرائع ظلمات الشك والوهم، وذكرى دروس مقنعة في تلخيص الخلاف والوفاق، وتحرير تذكرة هي منتهى المطلب في الآفاق، ومهذب جمل يسعف في مختلف الاحكام بكامل الانتصار، ومعتبر مدارك يحسم مواد النزاع (5) من صحيح الآثار، ولمعة روض يرتاح لتمهيد أصوله الجنان، وروضة بحث تدهش بارشاد فروعها الأذهان.
فشكر الله تعالى سعيهم، وأجزل من جوده مثوبتهم وبرهم.
وحيث كان من فضل الله علينا أن أهلنا لاقتفاء اثارهم، أحببنا (6) الأسوة
পৃষ্ঠা ৪