الحقيقيتين وما هما ليسا بحقيقيتين بل ظنيتين فإن معرفة النفس وأحوالها أم الحكمة وأصل السعادة ولا يصل إلى درجة أحد من الحكماء من لا يدرك تجردها وبقاءها على اليقين كإخوان جالينوس وإن ظنهم الجاهلون حكيما.
وكيف صار الرجل موثوقا به في معرفة شيء من الأشياء بعد ما جهل بنفسه كما قال أرسطاطاليس: إن من عجز عن معرفة نفسه فأخلق بأن يعجز عن معرفة خالقه.
فإن معرفتها ذاتا وصفة وأفعالا؛ مرقاة إلى معرفة بارئها ذاتا وصفة وأفعالا لأنها خلقت على مثاله فمن لا يعرف علم نفسه لا يعرف علم بارئه وفي النظم الفرس.
اى شده در نهاد خود عاجز * كي شناسى خداى را هرگز تو كه در علم خود زبون باشى * عارف كردگار چون باشى وفي الحديث المروي عن سيد الأولياء من عرف نفسه فقد عرف ربه إيماء إلى هذا المعنى يعني: من لم يعرف نفسه لم يعرف ربه. وقوله تعالى في ذكر الأشقياء البعداء عن رحمته نسوا الله فأنساهم أنفسهم بمنزلة عكس نقيض لتلك القضية إذ تعليقه جل وتعالى نسيان النفس بنسيان ربها تنبيه للمستبصر الزكي على تعلق تذكره بتذكرها ومعرفته بمعرفتها.
وقيل: كان مكتوبا على بعض الهياكل المشيدة في قديم الزمان ما نزل كتاب من السماء إلا وفيه يا إنسان اعرف نفسك تعرف ربك.
وقريب من هذا ما نقله الشيخ الرئيس في بعض رسائله: من أن الأوائل كانوا مكلفين بالخوض في معرفة النفس لوحي هبط عليهم ببعض الهياكل يقول: يا إنسان اعرف نفسك تعرف ربك.
وفي الحكمة العتيقة من عرف ذاته تأله أي صار عالما ربانيا فانيا عن ذاته مستغرقا في شهود جمال الأول وجلاله. وبالجملة في معرفة النفس تيسر الظفر بالمقصود والوصول إلى المعبود والارتقاء من هبوط الأشباح إلى شرف الأرواح والصعود من حضيض السافلين إلى أوج العالين ومعاينة جمال الأحدي والفوز بالشهود السرمدي قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها.
পৃষ্ঠা ১০১