ا
بسم الله الرحمن الرحيم [المقدمة] سبحانك اللهم يا مبدع المبادي والعلل وغاية الثواني والأول؛ اهدنا سبيلا مستقيما نسلكه إلى جنابك وطريقا موصلا نصل به إلى عزيز بابك.
يا فاعل الهويات وموجد الماهيات ومنبع الخيرات وغاية الحركات؛ أنت بالمنظر الأعلى والمقصد الأسنى ونحن أبناء النقائص والخسارات في منزل الأدنى والقربة الوحشاء مع القرناء السوأى؛ أسارى قيود الإمكان والظلمات وسكارى تعلقات الأجسام والهيوليات وحيارى سحرة الطبائع والماديات.
فطهر عقولنا بتقديسك عن رجس الضلالات وخلص نفوسنا بتنويرك من أغشية الأوهام والخيالات وأيدنا للارتقاء إلى مشاهدة أنوارك ومقربيك ومعاينة أضوائك ومجاوريك من أهل رحموتك وسكان ملكوتك سيما من هدانا إلى صفاتك العليا وأرشدنا إلى أسمائك الحسنى محمد أشرف المرسلين وآله خير الأوصياء الصالحين عليهم أفضل صلوات المصلين وأطهر تسليمات المقدسين.
أما بعد فيقول أفقر خلق الله إلى هدايته وتوفيقه وأحوجهم إلى إرشاده وتأييده محمد بن إبراهيم والمعروف بالصدر الشيرازي أصلح الله حاله وحصل آماله: لما رأيت
পৃষ্ঠা ৯৯
التطابق بين البراهين العقلية والآراء النقلية وصادفت التوافق بين القوانين الحكمية والأصول الدينية؛ وإن أجل الذخائر والسعادات وأفضل الوسائل إلى الفوز بأقصى الدرجات وأعلى الخيرات؛ هو تكميل القوة النظرية بتحصيل العلوم الحقيقية والمعارف اليقينية التي هي أنفس ما يطلبه النفوس الإنسانية وأشرف ما يستكمل به العقول الهيولانية إذ بها يصير الإنسان سالكا سبل الكمال والعرفان متوجها شطر كعبة العلم والإيمان متخلصا عن سجن الحدثان والخسران إلى جهة السعادة ومجاورة الرحمن؛ فائقا على الأشباه والأقران كما أشارت إليه الكتب الإلهية ونبهت عليه الرموز النبوية وأوضحت القواعد الحكمية.
ثم إن العلوم الكمالية والمعارف اليقينية مختلفة الأنواع والفنون؛ متكثرة الشعب والشجون إلى حد وغاية يعجز كل نفس إنساني سيما في تعلقها بهذه النشأة التعلقية عن استحصال جميعها واستحضار فن من أصولها وفروعها وإنا عملنا لمن له فضل قوة لتحصيل الكمال على وجه أبلغ وأوفر؛ كتابا جامعا لفنون العلوم الكمالية التي هي ميدان لأصحاب الفكر وفيها جولان لأرباب النظر سميناه الأسفار الأربعة لكن القدر الواجب تحصيله واللازم على المقتنين تكميل ذاته بسلوك منهجه وسبيله: أن يحصل منها ما هو أهم وأولى ومباحث عما هو أشرف وأعلى.
ولا شك أن أفضل العلوم الإلهية هو معرفة ذات الحق الأول ومرتبة وجوده بما له من صفات كماله ونعوت جماله وكيفية صدور أفعاله وأنها كيف ابتدأت الموجودات الباديات منه وكيف عادت العائدات إليه.
وإن أفضل العلوم الطبيعية معرفة النفس الإنسانية وإثبات أنها كلمة نورية وذات روحانية وشعلة ملكوتية وبيان أنها لا تموت بموت البدن وأنها كيف يستكمل حتى يضاهي جواهر الملائكة بأن يصير عالما عقليا منتقشا فيها على سبيل القبول ما هي منتقشة في المبادي على سبيل الفعل وأنها كيف يتحد بالعقل الفعال وكيف يصير معقولاته فعلية بعد ما كانت انفعالية ومعنى كون العقل الهيولاني مجمع البحرين وملتقى الإقليمين حيث هو نهاية الجسمانيات وبداية العقليات وكيفية حال السعادة والشقاوة
পৃষ্ঠা ১০০
الحقيقيتين وما هما ليسا بحقيقيتين بل ظنيتين فإن معرفة النفس وأحوالها أم الحكمة وأصل السعادة ولا يصل إلى درجة أحد من الحكماء من لا يدرك تجردها وبقاءها على اليقين كإخوان جالينوس وإن ظنهم الجاهلون حكيما.
وكيف صار الرجل موثوقا به في معرفة شيء من الأشياء بعد ما جهل بنفسه كما قال أرسطاطاليس: إن من عجز عن معرفة نفسه فأخلق بأن يعجز عن معرفة خالقه.
فإن معرفتها ذاتا وصفة وأفعالا؛ مرقاة إلى معرفة بارئها ذاتا وصفة وأفعالا لأنها خلقت على مثاله فمن لا يعرف علم نفسه لا يعرف علم بارئه وفي النظم الفرس.
اى شده در نهاد خود عاجز * كي شناسى خداى را هرگز تو كه در علم خود زبون باشى * عارف كردگار چون باشى وفي الحديث المروي عن سيد الأولياء من عرف نفسه فقد عرف ربه إيماء إلى هذا المعنى يعني: من لم يعرف نفسه لم يعرف ربه. وقوله تعالى في ذكر الأشقياء البعداء عن رحمته نسوا الله فأنساهم أنفسهم بمنزلة عكس نقيض لتلك القضية إذ تعليقه جل وتعالى نسيان النفس بنسيان ربها تنبيه للمستبصر الزكي على تعلق تذكره بتذكرها ومعرفته بمعرفتها.
وقيل: كان مكتوبا على بعض الهياكل المشيدة في قديم الزمان ما نزل كتاب من السماء إلا وفيه يا إنسان اعرف نفسك تعرف ربك.
وقريب من هذا ما نقله الشيخ الرئيس في بعض رسائله: من أن الأوائل كانوا مكلفين بالخوض في معرفة النفس لوحي هبط عليهم ببعض الهياكل يقول: يا إنسان اعرف نفسك تعرف ربك.
وفي الحكمة العتيقة من عرف ذاته تأله أي صار عالما ربانيا فانيا عن ذاته مستغرقا في شهود جمال الأول وجلاله. وبالجملة في معرفة النفس تيسر الظفر بالمقصود والوصول إلى المعبود والارتقاء من هبوط الأشباح إلى شرف الأرواح والصعود من حضيض السافلين إلى أوج العالين ومعاينة جمال الأحدي والفوز بالشهود السرمدي قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها.
পৃষ্ঠা ১০১
فرأيت أن يشتمل كتابي هذا على فنين كريمين هما أصلا علمين كبيرين وثمرتاهما وغايتاهما أعني: فن الربوبيات المفارقات المسمى بأثولوجيا من العلم الكلي والفلسفة وعلم النفس من الطبيعيات فإنهما من المقاصد التي هي أساس العلم والعرفان والمطالب الذي يضر الجهل بهما في المعاد للإنسان كما يشهد به جميع الأمم الفاضلة السابقة واللاحقة إلى هذا الزمان ويحكم به العقول الزكية والنفوس الخيرة من أولي الدراية والعرفان.
ثم ليعلم إخواني المؤمنين ورفقائي المجاهدين؛ أني قد حرمت على نفسي مناولة هذا الكتاب إلا لمن جبلت سريرته من غير تكلف على الإنصاف وتجنب بحسب الفطرة من غير مشقة عن الجور والاعتساف؛ من خلص الإخوان وصفوة الأحباء والخلان بشرط أن لا يبذل مقاصده للطبائع العنودة العسوفة ولا يبوح بمطالبه للمدارك الوهمانية المؤوفة وتقدسها عن الجلود الميتة التي كفرت بأنعم الله ولا يستودعها إلا للأنفس الحية كما قرره وأوصى به الحكماء الكبار؛ أولي الأيدي والأبصار.
فإن هذه المباحث ونظائرها غامضة دقيقة المسلك لا يقف على حقيقتها إلا واحد بعد واحد من أكابر العرفاء ولا يهتدي إلى كنهها إلا وارد بعد وارد؛ من أماجد الحكماء كما قال الرئيس جل جناب الحق عن أن يكون شريعة لكل وارد أو يطلع عليه إلا واحد بعد واحد.
وقال المعلم الأول: من أراد أن يشرع في علومنا فليتحدث لنفسه فطرة أخرى معناه: أن العلوم الإلهية مماثلة للعقول القدسية لاتحاد العاقل والمعقول وإدراكها يحتاج إلى لطف شديد وتجرد تام وهو الفطرة الثانية.
وأذهان الخلق من أول الفطرة غير ملطفة ولا مرتاضة بل جاسية كثيفة فلا يمكنها إدراك المعقولات المحضة كما هي هي وهو المسمى
পৃষ্ঠা ১০২
بالفطرة الأولى ولهذا أولياء الحكمة وأبناء الحقيقة ارتاضوا بالرياضات الملطفة وعالجوا أنفسهم بالمعالجات المصححة حتى تيسر لهم الخوض في بحر المعارف الإلهية والتعمق في الحقائق الربوبية وملاحظة المبدإ الأعلى على نحو ما يستطيع المخلوق أن يلاحظ خالقه.
وليس أن الحكماء الإلهيين حيث ستروا هذه العلوم وأمروا بالكتم عنها كان ذلك منهم ضنة وبخلا كلا فإنهم لتقدسهم وترفع شأنهم عن الاتصاف برداءة الأخلاق وخباثة الملكات يتحاشون عن ذلك وإن الذين خلصت نفوسهم بصفائها عن هذه المقبرة الظلماء وحصلت لهم ملكة خلع الأبدان والارتقاء إلى ملكوت السماء؛ كيف منعوا المستحق عن حقه ودفعوا السائل عن مستحقه بل لما رأوا عقول أكثر الخلق ضعيفة جاسية مئووفة يلحقها عند ملاحظة المعاني الإلهية ما يلحق عيون الخفافيش إذا نظرت إلى نور الشمس منعوا عن إيداع العلوم صدورهم الغير الزكية وإلقائه على عقولهم الغير القوية إلا لمن يستن بسنن الحكماء ويتخلق بأخلاق الأصفياء من رفض اللذات الحسية وترك المألوفات الطبيعية لأن من لم تصف نفسه من الكدورات البدنية ولم يرتض عقله بالرياضات العلمية والعملية فلا سبيل له إلى السعادات الأبدية ولا سلوك له في المناهج الإلهية.
واعلم أن من استفتح عين عقله من رقدة الغفلات وسنة التقليدات يهتدي بالتعمق في مباحث هذا الكتاب عند تميز القشر عن اللباب إلى طريق الرشاد ومنزل السداد والصواب ويرى لطائف أفكار لا يكاد يوجد في مطاوي الكتب الكبار ودقائق أستار لم يشر إليها حكماء الأعصار.
وهذا القدر الذي سيقرع سمعك من الحكم البحثية والكشفية إذا أحكمته سهل السبيل عليك إلى ما بعده من البسط والتحقيق والبحث والتدقيق لأني أوردت فيه مخ ما حصلته من الأقدمين وورثته من نتائج أفكارهم المبراة عن الشبه والشكوك وبينت فيه لب ما أخذته من الرؤساء المعلمين من ثمرة أفكارهم الحاصلة بالسير والسلوك مع ما ألهمت به وتحدست
পৃষ্ঠা ১০৩
إلهاما وتأييدا من الله وملكوته مجتنبا حائدا عن طريقة المجادلين والمتفلسفين المحرومين عن الوراثة النبوية والشريعة المحمدية صلى الله عليه وآله على الصادع بها وآله ألف الصلوات والتحية مائلا عن مذهب الظاهريين الذين يخدمون ظاهر الألفاظ والمباني وقد حرمهم الله تعالى بواطن المعاني.
فها أنا إذا أفيض في المقصود مستمدا من واجب الوجود وواهب الخير وصانع الجود متوكلا في جميع الأبواب على الحي المعبود لا حول إلا حوله ولا قوة إلا قوته وإليه يرجع الأمر كله.
পৃষ্ঠা ১০৪
الفن الأول في بيان الربوبيات والإشارة إلى معرفة الحق الأول وصفاته وكيفية أفعاله المترتبة الآخذة منه المنتهية إلى أقصى الوجود في السلسلة النزولية وهو مترتب على مقالات.
পৃষ্ঠা ১০৫
المقالة الأولى: في الإشارة إلى مبدأ الوجود وأن أي وجود يخصه وأنه تعالى في غاية الوحدة والبساطة.
فصل في ذكر عدة مباد من الفلسفة الكلية على سبيل الحكاية والبداية مفهوم الوجود نفس التحقق والصيرورة في الأعيان أو في الأذهان وهذا المفهوم العام البديهي التصور عنوان لحقيقة بسيطة نورية وهو أبسط من كل متصور وأول كل تصور وهو متصور بذاته فلا يمكن تعريفه بما هو أجلى منه لفرط ظهوره وبساطته.
فإذا أريد تصويره للغفلة عنه فإنما يراد؛ تصويره ذلك على سبيل التنبيه والإخطار بالبال فلا بأس بإيراد أسماء مرادفة لاسمه في تعريفه كالثابت والحاصل وغير ذلك ومفهومه معنى عام واحد مشترك بين الموجودات.
وحقيقته أمر بسيط منبسط على الممكنات زائد في التصور على الماهيات.
পৃষ্ঠা ১০৭
ليس هو بجوهر في ذاته ولا عرض ولكن وجود الجوهر جوهر بعين جوهرية ذلك الجوهر ووجود العرض عرض بنفس عرضية ذلك العرض.
وهو مساوق للشيئية منقسم إلى الذهني والخارجي متكثر بتكثر الموجودات.
ولا واسطة بينه وبين العدم ولا تمايز بين الأعدام ولا تأثير للمعدوم بما هو معدوم وإذا حمل أو جعل رابطة؛ تحصل مواد ثلاثة: الوجوب والامتناع والإمكان.
ولا يمكن انقلابها إذا كانت ذاتية وقد يكون الأولان بالغير دون الثالث.
والممكن يجب وجوده بحصول السبب المرجح ويمتنع بعدمه وما لم يجب وجوده لم يوجد وما لم يمتنع لم يعدم وفي حالتي وجوده وعدمه ممكن في نفسه.
فلو أخرجه الوجود إلى الوجوب كما ظن بعضهم لأخرجه العدم إلى الامتناع فلا ممكن أبدا.
وإذا توقف وجود ممكن ما على عدة أمور يكون كل واحد منها جزء السبب والمجموع هو سبب تام وجود الممكن يتعلق بوجوده وعدمه بعدمه أو عدم جزء منه.
ولا يمكن وجود علل ومعلولات غير متناهية في زمان واحد.
ولا يتصور أن يكون شيئان كل منهما سببا للآخر متقدما عليه.
فصل في تقسيم الوجود إلى الواجب لذاته والممكن لذاته بقول تفصيلي وأن الممكن إنما يوجد بسبب مؤثر غير ذاته بوجه برهاني كل موجود إذا لاحظه العقل من حيث ذاته وأشار إليه مجردا عما سواه فلا يجده خاليا عن أحد وصفين.
إما أن يكون بحيث ينتزع من عين ذاته الوجود ويحكم عليه بأنه موجود أو لا يكون كذلك بل يفتقر في هذا الانتزاع إلى ملاحظة أمر وراء نفس الذات أي أمر كان مثل انضمام شيء إليه أو انتسابه إليه أو غير ذلك من الأمور الخارجة عن نفس الذات بذاتها.
فالأول هو مفهوم الواجب لذاته ومفهوم الحق الأول المعبر عنه بالوجود الحقيقي عند المشائين. المحكي عنه بالنور الغني عند الرواقيين وبمنشأ انتزاع الموجودية
পৃষ্ঠা ১০৮
عند أهل الذوق من المتألهين وبالوحدة الحقيقية عند الفيثاغورثيين وبالمرتبة الأحدية وغيب الغيوب عند الصوفية والمقصود واحد والمذاهب إليه متشعبة.
وللناس فيما يعشقون مذاهب والثاني لا يكون ممتنعا لأن المقسم هو الموجود وضعا وفرضا فيكون ممكنا موجودا لا لذاته بل لغيره بحسب المفهوم والفرض. فافهم تنبيه فمصداق حمل الموجود ومطابق صدق الحكم بالموجودية في الواجب لذاته هو ذاته من حيث ذاته بذاته بلا ملاحظة أمر آخر وحيثية أخرى تقييدية أو تعليلية؛ انضمامية أو انتزاعية.
وفي الممكن بواسطة حيثية أخرى غير نفس ذاته فإذن الممكن في الموجودية أو اتصافه بالوجود أو صيرورته موجودا يحتاج إلى مؤثر يؤثر فيه أو جاعل يجعله متحدا مع مفهوم الموجود أو يضمه إليه أو يصيره بحيث ينتزع منه الوجود أو الموجودية بعد ما لم يكن كذلك نحوا من البعدية والقبلية غير إحدى القبليات والبعديات الخمسة المشهورة.
إذ كل ما يغاير شيئا بحسب الذات والمعنى ففي صيرورته إياه أو انضمامه إليه أو انتزاعه منه أو اتحاده به أو حمله عليه أو ما شئت فسمه يحوج إلى علة وسبب بخلاف ما إذا كان شيء عين الذات أو جزء مقوما له فإن توسيط الجعل وتخليل التأثير بين الشيء وذاته أو بينه وبين ما هو ذاتي له بديهي الفساد وأولي البطلان.
فتبين لك مما تلوناه أن ما هو مناط الوجوب الذاتي ليس إلا كون الشيء في مرتبة ذاته وحد نفسه حقا وحقيقة وقيومآ ومنشأ لانتزاع الموجودية ومصداقا لصدق
পৃষ্ঠা ১০৯
مفهوم الموجود ومناط الإمكان؛ عدم ذلك.
شك وإزالة وأما من جوز كون الوجود من اللواحق اللازمة للماهية من حيث هي؛ التي يلزمها لا بعلة غيرها بل بعلية واقتضاء من نفسه من حيث هي قياسا على سائر اللوازم للماهيات التي تكفي في تحققها نفس تلك الماهيات وتجويزا لكون وجود الواجب من قبيل تلك اللوازم كما توهمته طائفة من أهل الكلام؛ فبعد عن طريق الحق وقد بين فساد ظنه في كتب الحكمة ك الشفا والإشارات والمباحثات بما حاصله: أن الوجود مطلقا لا يجوز أن يكون معلولا للماهية لأن الوجود ليس له حال غير أن يكون موجودا. وعلة الموجود موجودة وعلة المعدوم معدومة وعلة الشيء من حيث هو شيء شيء وماهية ماهية.
فليس إذا كان الشيء قد يكون من حيث هو ماهية علة لبعض الأشياء يجب أن يكون علة لكل شيء.
وبالجملة لا يجوز أن يكون سبب الشيء من حيث هو حاصل الوجود؛ إلا شيئا حاصل الوجود.
وقد بالغ الشيخ الرئيس في المباحثات في هذا المقام وبسط القول فيه حتى قال: لو كانت ماهية سببا للوجود لأنها ماهية؛ لكان يجوز أن يكون يلزمها الوجود مع العدم لأن ما يلزم للماهية من حيث [هي] يلزمها كيف فرضت ولا يتوقف على حال وجودها. ومحال أن يكون ماهية علة لوجود شيء قبل أن يعرض
পৃষ্ঠা ১১০
لها الوجود وإذا لم يحصل للعلة وجود لم يحصل للمعلول وجود.
طريقة أخرى لمن زعم أن موجودية كل شيء هو نفس صيرورتها بالمعنى المصدري من غير الأبيضية للجسم بأن يقول: إن نفس الذات المتحققة في ظرف ما سواء كانت بسبب أو بغير سبب؛ كافية في كونها منشئا لانتزاع الوجود منها وصحة الحكم عليها به بدون أن يكون بإزائها حقيقة وذات أي ما به يحصل للشيء موجودية كالبياض الذي هو ما به انضمام أمر إليها أو انتزاع شيء منها.
وبالجملة ملاحظة أية حيثية يعتبر معها في المحكي عنه بالوجود بخلاف باقي اللواحق التي هي غير الوجود وإن كان من الانتزاعيات والاعتباريات اللازمة للماهيات.
فإن مصداق الحكم بها على شيء ليس ذات الموضوع فقط بل مع اقتضائها لوازمها التي هي معان اعتبارية قائمة بها.
وعدم اعتبار الوجود مع الماهية في سببيتها واقتضائها صفة؛ لا يقتضي انفكاكها عن صفة الوجود حالة الاقتضاء فإن بين الاعتبارين فرقا بينا فكيف يكون الوجود من اللوازم لماهية ما.
والماهية في مرتبة اقتضائها لوازمها؛ محفوفة بالوجود فإن انفكاكها عن الوجود وهي هي محال فضلا عن أن يكون مقتضية ومستتبعة لشيء.
نعم قد يراد من اللزوم غير ما هو المصطلح وهو مجرد عدم تصور الانفكاك بين شيئين في الواقع.
تبصرة ورمز حمل الوجود على الماهية كما يمتاز عن حمل اللوازم عليها؛ فكذلك يمتاز عن حمل الذاتيات والمقومات عليها.
فإن نفس الموضوع إذا كانت من الطبائع الإمكانية؛ يحتاج في الحكم بالوجود عليها إلى ملاحظة حيثية أخرى خارجة عن نفس ماهية الموضوع لا عن مصداق الحكم ومطابقة كما زعمه بعضهم وهم القائلون بأن أثر الجاعل وما يترتب عليه هو نفس ماهية المعلول ومفهومه لا حقيقته ووجوده وتلك الحيثية عند هؤلاء؛ هي استناد الماهية إلى جاعلها التام وصدورها منه أو مشاهدة ترتب الآثار عليها.
وأما عند المعتبرين من المشائين ومن يحذو حذوهم؛ فيشبه أن يكون حيثية فاعلية الفاعل لوجود شيء داخلة في مصداق الحكم على ذلك الشيء بالوجود
পৃষ্ঠা ১১১
وكما أن مقومات الماهيات المتحصلة غير خارجة عن قوام الماهية من حيث هي هي فكذلك مقومات وجودها أو كونها من حيث هي موجودة عند من ذهب إلى أن أثر الفاعل هو وجود الماهية دون نفسها.
نعم حمل الوجود على الذات الواجبة يشبه حمل الذاتيات على الذات إذ الحقيقة الواجبة بنفسها موجودة كما أن ماهية الإنسان بنفسها إنسان وحيوان لا بإفادة جاعل وعلة.
ولكن بينهما فرقا من وجه آخر وهو: أن مطابق الحكم بالماهية على نفسها نفس تلك الماهية ولكن حين صدورها عن الجاعل التام إذ لا ماهية قبل الصدور إلا أنها بعد الصدور عنه يصدق هي على نفسها أزلا وأبدا إذ الماهية من حيث هي ليست إلا هي فالتخصيص بأية حيثية كانت يخرجها عن الإطلاق ويجعلها غير ذاتها المأخوذة على تلك الحيثية الإطلاقية.
وأما مطابق الحكم بالوجود على الواجب تعالى وبأي وصف كمالي له تعالى هو محض ذاته بذاته من دون الاشتراط بحيثية وجودية أو عدمية تعليلية كما في الوجود بالقياس إلى ماهية الممكن أو تقييدية؛ كما في اللواحق للأشياء أو الاشتراط بما دام الوجود كما في حمل الذاتيات على الماهية الإمكانية فتدبر تعرف.
فصل في التجرد لإثبات الواجب الوجود وفيه طرق:
الأولى: طريقة جمهور الحكماء من جهة الإمكان والتغير بحسب الماهية.
أما الأولى فالممكن كما علمت حاله بحسب ذاته ليس إلا سلب ضرورة الوجود والعدم وسلب ضرورة كل صفة ثبوتية أو عدمية ففي اتصافه بالوجود يحتاج إلى مرجح وهكذا الكلام في المرجح إلى أن ينتهي إلى ما هو عين حقيقة الوجود؛
পৃষ্ঠা ১১২
دفعا للدور والتسلسل.
وأيضا: جميع المرجحات الإمكانية المفروضة في حكم واحد في نقصانها عن رتبة الإيجاب والوجوب؛ فيحتاج إلى مرجح تام الاقتضاء والفعلية بريء عن صفة النقص والقصور في الاقتضاء والإيجاب وليس ما هذا شأنه إلا الواجب الأول وهو المطلوب للكل.
وأيضا: لو لم يكن لجملة المرجحات الممكنة طرف لم يصلح واحد من الآحاد للعلية والترجيح ولا للمعلولية والاستناد لأنها ممكنة معا ولا مزيد لأحد من الممكنات على الآخر من حيث هي ممكنة.
بخلاف ما إذا كان لها طرف ذو حقيقة بذاته فيكون هو بذاته مستحقا للفضيلة والتمام فيكون ما هو أقرب منه مستحقا لفضيلة التقدم على ما هو أبعد فيكون علة له ومرجحا؛ لوجوده وإذا لم يكن طرف خارج عن الممكنات واجب الوجود بذاته متقدم فلا يكون للممكنات نسبة قرب ولا بعد إليه ولا يتميز فيما هو المفروض؛ جملة علة عن معلول بل شيء عن شيء. (... ولم يتميز فيما هو... ق ل).
وأما الثانية؛ فنقول: إن الموجود في نفس الأمر لا يخلو إما أن يكون موجودا في مرتبة نفس ذاته من حيث هي هي أي كما أنه موجود في نفس الأمر فكذلك موجود عند ملاحظة الذات من حيث هي الذات مع قطع النظر عن اعتبار شيء آخر معه حتى يكون موجودا بجميع الاعتبارات الواقعة في نفس الأمر منشأ لصحة الحكم عليه بالموجودية ومصداقا لحمل الموجود فيكون وجوده واجبا لذاته بذاته وهو المطلوب.
أو لم يكن كذلك بل يكون أيسا بعد ليس وفعلا عقيب قوة كالماهيات الإمكانية حيث إنها وجدت بعد أن لم يكن موجودة وصارت بالفعل حينما كانت بالقوة بحسب ذواتها وإن لم يكن كذلك في الواقع.
وهذه الصيرورة نحو من التغير فكأنه حركة ذاتية كما أن الانتقال في المقولات الأربع المشهورة على التدريج حركة زمانية.
পৃষ্ঠা ১১৩
فإذا احتاج الشيء في التغير عما كان عليه بحسب صفة من صفاته كالأين والوضع وغيرهما الذي يقال له: الحركة الزمانية إلى مغير يغيره عن ذلك كما ثبت في موضعه؛ فبأن يحتاج في التغير عما كان عليه بحسب نفس ذاته من حيث هي إليه كان أولى وللقبول أحرى.
ثم إن كان ما يخرج من القوة إلى الفعل بوجه من الوجوه يحتاج إلى مخرج غير ذاته يخرجه منها إليه فيجب الانتهاء حينئذ إلى سبب ومخرج يكون بالفعل من جميع الوجوه لئلا يحتاج إلى مخرج آخر دفعا للدور أو التسلسل وهو الواجب الوجود بالذات وهو المطلوب.
تأييد وتنبيه قد عبر المعلم الأول في كتاب أثولوجيا عن الوجوب بالذات بالسكون وعن الوجوب بالغير بالحركة والوجه ما ذكرناه من أن موجودية الماهيات التي هي معان غير الوجود؛ لما كانت في مرتبة متأخرة عنها من حيث هي هي فكأنها انتقلت من ليسية إلى أيسية بخلاف الواجب بالذات فإنه موجود بجميع الاعتبارات في جميع المراتب فكأنه استقر على ما هو عليه.
وينقل عن بعض اليونانيين أنه قال: النفس جوهر شريف يشبه دائرة لا بعد لها ومركزها هو العقل وكذلك العقل دائرة استدارت على مركزها وهو الخير المطلق الأول فكل المجردات قد استدارت عليه وهو مركزها للتساوي نسبتها إليه انتهى ولا يخفى تأييده لما ذكرناه ومما تلي عليك؛ تبين لك: أن الممكن لا يخلو عن قوة سواء كانت قوته في مادته بحسب استعدادها في الواقع كالماديات أو في نفسه فقط كالمفارقات.
وفي الأول
পৃষ্ঠা ১১৪
سواء كان ما بالقوة غير متقدم على ما بالفعل بحسب الزمان كالكرات العالية أو متقدما كالأجسام العنصرية.
وفي الجميع ما بالفعل مطلقا سبب لخروج ما بالقوة إلى الفعل ومتقدم عليه.
وما نقل عن بعض الأقدمين من الفلاسفة: أن المبدأ الأول لجميع الأشياء هو الظلمة أو الهاوية وفسر بعضهم بخلاء غير متناه فلعله من جملة رموزهم وتجوزاتهم بأن يكون المراد من المبدأ المبدأ القابلي ومن جميع الأشياء جميع الكائنات الفاسدة ويأول الظلمة والهاوية بالهيولى الأولى التي هي أظلم الذوات وأوحشها وأبعدها عن نور الأنوار جلت عظمته. وكونها فضاء وخلاء؛ كناية عن خلوها بحسب فطرتها عن جميع الصور والمقادير. وكونها غير متناه؛ إشارة إلى قوة قبولها صورا وهيئات غير متناه فائضة عليها من واهبها الأعلى.
وللطبيعيين طريق خاص في الوصول إلى هذا المقصد وهو أنهم قالوا في بيانه: إن الأجسام الفلكية حركاتها ظاهرة وهي ليست طبيعية ولا قسرية بل نفسانية شوقية لا بد لها من غاية.
وإذ ليست الغاية غضبية ولا شهوية لتعاليها عنهما ولا الأجسام التي تحتها أو فوقها ولا النفوس التي لشيء منها كما ستطلع على بيان الجميع بالبرهان إنشاء الله تعالى.
فتعين أن يكون غايتها أمرا قدسيا مفارقا عن المادة بالكلية يكون ذا قوة غير متناهية لا يكون تحريكاته لها على سبيل الاستكمال فإن وجب وجوده فهو المقصود وإن لم يجب فينتهي إلى ما يجب وجوده دفعا للدور والتسلسل.
وهذه الطريقة هي التي سلكها واعتمد عليها مقدم المشائين في الكليتين من كتابه المسمى بالتعليم الأول وهو السماع الطبيعي من الطبيعيات والكليات من الإلهيات وأشير إليها في الكتاب الإلهي حكاية عن الخليل فإنه على نبينا وآله وعليه السلام لما رأى ظهور الحركات في الفلكيات وانفعال العنصريات عن تغيرات الكرات
পৃষ্ঠা ১১৫
العالية وانتقالاتها وتفاوت تلك الأجرام عظما وشرفا ونورية فتحدس أن مبدعها ومنورها ومحركها على سبيل التشويق والإمداد ليس بجسم ولا جسماني فقال: إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين فبملاحظة الحركات يدفع توهم القاصرين من الدهرية في كون الفلكيات هي الغاية القصوى في الوجود.
فثبت أن ما وراءها ما هو أعلى منها وأشرف وهو مبدعها ومحركها على سبيل التكميل والإمداد كما هو في قوله تعالى: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب.
تذكرة ولهم أيضا في إثبات هذا المطلب مسلك آخر حسن جدا يبتني على معرفة النفس الإنسانية تقريره: أن النفس مجردة عن المادة حادثة مع حدوث البدن بامتناع التمايز واستحالة التناسخ لعدم مطابقة ما منه وما إليه كما سيجيء بيانه إنشاء الله تعالى. فهي ممكنة مفتقرة في وجودها إلى سبب وذلك السبب المرجح لا يجوز أن يكون جسما من حيث هو جسم وإلا لكان جميع الأجسام كذلك لاشتراك معنى الجسمية بينها وليس كذلك بديهة.
ولا قوة جسمانية سواء كانت نفسا أخرى أو صورة طبيعية لما تقرر عندهم: أن تأثير الجسمانيات لا يكون إلا لما حصل لمادته علاقة وضعية ونسبة جسمية بالقياس إليه. فإن تسخين قوة النار إنما يكون لما يكون ملاقيا لجسمها أو قريبا منه
পৃষ্ঠা ১১৬
وكذلك إضاءة نور الشمس إنما كانت لما كان مقابلا لجرمها أو ما هو في حكم المقابلة ولذلك لا تفعل الأولى في البعيد جدا ولا الثانية في المستور.
فإن قيل: كما جاز حصول القوى الجسمانية من المفارقات بالكلية من دون علاقة وضعية ونسبة جسمية فليجر عكسها من دون تلك العلاقة.
فالجواب إما بتصحيح القاعدة بوجه برهاني وإما بالرجوع إلى قاعدة أخرى لهم أما الأول فاستدل عليه المحقق الطوسي رحمه الله في شرح الإشارات ب: أن الصور صنفان صور تقوم بمواد الأجسام كالصور الجسمية والنوعية وهي كما أن قوامها بمواد تلك الأجسام فكذلك ما يصدر عنها بعد قوامها يصدر بواسطة تلك فيكون بمشاركة من الوضع وصور قوامها بذواتها لا بمواد الأجسام كالأنفس المفارقة لذواتها لا لأفعالها لكن النفس إنما جعلت خاصة لجسم بسبب أن أفعالها من حيث إنها نفس إنما يكون بذلك الجسم وفيه وإلا لكانت مفارقة الذات والفعل جميعا لذلك الجسم و (ح) لم يكن نفسا لذلك الجسم هذا خلف فقد بان أن الصورة إنما تفعل بمشاركة الوضع..
انتهى كلامه.
وفيه شك وهو أن غاية ما ظهر مما ذكر: أن فعل الصورة لا يتحقق بدون أن يكون لمحلها أو لمتعلقها وضع (ما) إذ فعلها لا يكون إلا بوساطة المادة والمادة المقارنة مع الصورة لا بد لها من وضع على الإطلاق وهذا لا يكفي في بيان مطلوبهم بل هو غير محتاج إلى البيان لأنه لا يخفى على أحد أن كل جسم له وضع بل المطلوب أنه لا بد لفعل القوى المتعلقة بالمادة من وضع مخصوص لتلك المادة بالنسبة إلى المنفعل عنها حتى يترتب عليه ما رتبوه من عدم تأثير القوى الجسمانية فيما لا وضع له من موضوعاتها أو متعلقاتها.
فالأولى في هذا المقام ما ذكره الشيخ الرئيس في أجوبته من اعتراضات بعض تلامذته.
محصوله: أنه إذا كانت القوة متقومة بالفعل بالمادة فإنما يتوسط المادة في
পৃষ্ঠা ১১৭
الوضع بما يستدعيه المادية من الوضع سواء كان في القوام أو في صدور الفعل فلا يكفي في تأثيرها وجودها بما هو وجودها كيف كان ووجود المستعد كذلك بل أن يقع على حالة يكون للمادة فيها بوضعها توسط غير متشابه فإن أوضاع الجسم بالقياس إلى الأجسام الأخر غير متشابه ولذلك تختلف تأثير القوة التي فيه فيها بحسب اختلاف القرب والبعد والمماسة وغيرها وهذا النحو من التوسط للموضوع بين القوة التي فيه وبين المفارق الصرف محال فلو فرضنا كون القوة الجسمانية مؤثرة في المفارق لزم أن يكون وجود المادة فيه لغوا.
وقد قلنا: إن تلك القوة متعلقة بالمادة في صدور أفاعيلها بخلاف تأثير الروحاني في الجسماني فإن الروحاني العقلي غير محتاج في فعلها إلى المادة بما فيها من وضعها وتخصيص حال لها بالنسبة إليه حتى يفعل بل يكفيه وجود ذاته في أن يفعل في المستعدات بل نسبة الجميع إليه نسبة واحدة عامة.
فإن ذوات الأوضاع في أنفسها ليست بذوات أوضاع بالقياس إليه وإن كانت كذلك بقياس بعضها إلى بعض فتلطف تعرف.
فإن قلت: فالأجسام يحتاج في انفعالاتها عن المبادي المفارقة إلى توسط من موادها ونسبة خاصة لها إلى ما يؤثر فيها بمثل ما ذكرت في أفاعيلها.
قلت: بينهما فرق (ما) فإن المادة هي المنفعلة نفسها لا المتوسط بين المنفعل وبين غيره وهناك لم يكن هي الفاعلة بل المتوسطة فأين هذا من ذاك فإن قلت: البدن كيف يؤثر في النفس والنفس لا وضع لها وقد بين أن ما ليس له وضع لا يؤثر فيه ما له وضع.
قلت: المراد أن كل ما ليس له وضع ولا علاقة له مع ذي وضع فإن اقتصر في موضع (ما) على هذا المبلغ فإنما عني به ما هو مجرد بذاته وعلاقته في وجوده أو حدوثه.
وأما الأمر الثاني وهو الرجوع إلى قاعدة أخرى فهو أنا نقول: قد تحقق وتقرر أن
পৃষ্ঠা ১১৮
الوجود إنما يقع على أشياء بتقدم أو تأخر وكمال ونقص وبعض المعاني حظه من الوجود آكد كالجوهر القائم بنفسه وبعضها وجوده في درجة الضعف كالجوهر القائم بغيره وكالعرض.
وكل ما هو علة الذات فحظه من الوجود يجب أن يكون أسبق وآكد من حظه المستفيد منه فما ليس له من الوجود حظ القوام بنفسه فليس يجوز أن ينال غيره منه حظ القوام بنفسه.
وهذا شيء يحكم به الوجدان بدون المراجعة إلى البيان والبرهان وخصوصا على رأي من يكون الصادر الأول عن الجاعل عنده نفس الماهية والوجود من الاعتبارات العقلية المنتزعة عنها في مرتبة متأخرة عنها نحوا من التأخر إذا لمع بالقياس إلى علته عنده كنحو الشبح من ذي الشبح والظل من ذي الظل وكما لم يكن الظل أشرف وأكمل من ذي الظل فكذلك المعلول من علته كيف والنفس الناطقة التي لنا مع تجردها وحياتها قصرت عن إيجاد جسم سواء كان بدنها أو غير بدنها فبأن يقصر الجسم الذي هو جوهر ظلماني ميت في نفسه عن إيجاد نفسه أو نفس أخرى كان أولى على ما يقتضيه ذوق أهل الإشراق.
فقد ثبت إذن: أن موجد النفس لا يكون جسما ولا جسمانيا فيكون مفارقة عن المواد فإن كان واجبا فهو المطلوب وإن كان ممكنا كان محتاجا إلى مرجع أشرف فينتهي لا محالة إلى واجب الوجود بذاته.
وهذه الحجة من الحجج القوية عند ذوي البصائر الثاقبة من أصحاب الحكمة المتعالية الذين حصلت لهم ملكة تجرد الأبدان وشروق الأنوار ومن استبصر بصيرته يحكم برجحانها على كثير منها.
نكتة عرشية قد تقرر في الكتب المبسوطة من العلم الأعلى والفن الربوبي: أن للعالم بجميع أجزائه نظاما جمليا واحدا وحدة شخصية يعبر عنه تارة بالإنسان الكبير وأخرى بالكتاب المبين كما يعبر عن الإنسان بالعالم الصغير تارة وبالنسخة المنتخبة أخرى وفي تفصيل التطبيق بين العالمين وكيفية مقابلة النسختين تطويل عظيم عسى
পৃষ্ঠা ১১৯