وقال رضوان في دهشة لا تفارقه: هل أغضبناه في شيء؟
وأطرق الشيخ سلطان ولم يجب، ولم يجد رضوان بدا من السكوت هو أيضا، وواصلا طريقهما صامتين.
ما كاد الشيخ سلطان يبلغ البيت حتى سأل وهيبة وهي تفتح له الباب: الولد عباس هنا؟
وقالت وهيبة في دهشة: نعم يا أبي. - أين هو؟ - في حجرته.
فاتجه إلى حجرة ابنه وهو يقول: لا تجعلي أحدا يأتي إلينا.
وحين دخل حجرة عباس أقفل الباب من خلفه، ثم استقر على كرسي. وقام عباس واقفا، وظل الشيخ سلطان ينظر إليه بعينيه الحمراوين، وطال صمته وعباس يكاد يدرك ما ينوي أبوه أن يحدثه عنه، وأخيرا قال الشيخ سلطان: ماذا فعلت بمرقص أفندي صديق العمر؟
وقال عباس بلا ريث تفكير: سأتزوجها.
وارتكز الشيخ سلطان بيديه على ركبتيه وتشبث بهما في غيظ وقال: اسمع! والله العظيم، والله العظيم، والله العظيم ثلاثة، وأنت تدرك قيمة هذه اليمين عندي، لو فكرت يوما أن تذهب إلى بيتهم، أو فكرت أن تتزوجها كما تقول لتظهر لنفسك أنك حر لأبرأ منك لا ترى مني مليما واحدا، وسأبيع كل ما أملك بيعا صوريا لأختك. لن تنال مليما واحدا بعد موتي، ولا أراك في حياتي ولا أعرفك، بل وأقاطع كل من يحاول أن يتصل بك.
وأحس عباس بشعور عجب له، أحس بالراحة، أحس كأن نوعا من القلق الذي يلازمه يزول عنه، هدوء ساد قلبه لم يستطع أن يتبين سببه، وصمت عباس وأطرق واستأنف أبوه: لو كنت أعلم أن قتلك يمحو العار الذي ألحقته بهذه الأسرة المفجوعة لقتلتك وأنا مرتاح الضمير هادئ النفس. وقد كنت أعلم يوم هزأت بدينك أنك ستنحط إلى أسفل درك، ولكن لم أن أتصور أنك تبلغ من حقارة الشأن إلى الدرك الذي يسمح لك أن تغول أسرة كانت صديقتنا طول العمر، وتهتك حرمتها، ولكنك سافل، سافل ووضيع، وإني أطعمك في هذا البيت ولا أريد أن أراك فاجتهد ألا تريني وجهك. سأكون سعيدا يوم تنتهي من كليتك لا لأنك تعلمت ولكن لأني أنا سأكون قد أديت واجبي، ولو أني أكون قد أديته لكلب لا يستحق. وعلى كل حال سأبحث عن أحسن طريقة تحميني من رؤيتك. خيبة الله عليك، وأخزاك في الدنيا كما أخزيتني، وأنزلك إلى جهنم في الآخرة وبئس القرار.
وقام الشيخ سلطان هادئ الحركة ثائر النفس، وخرج وأغلق الباب من خلفه وهو يقول: حسبي الله ونعم الوكيل! حسبي الله ونعم الوكيل!
অজানা পৃষ্ঠা